مطار بين… والحدود
العدد 245 | 08 تموز 2019
قيس الزبيدي


 

لغة تتحرش بخاصرة السماء ، فينفرط منها عقد نجيمات …

                                        

 

نحن الذين لسنا فرسان الإيمان ، مثل ابراهيم ، ولا الانسان الأعلى ،

الذي يتحدث عنه نيتشة ، لا يتبقى لنا ، إلا مراوغة اللغة وخيانتها.

وهذا التلافي والهروب ، هذه الخديعة العجيبة التي تسمح بادراك

اللغة خارج سلطتها ، في عظمة ثورة دائمة للغة ، هذا هو ما أطلق عليه أدبا.

                                                رولان بارت٭

 

 

*  آهٍ !.. مـا أَجمَـلَ الحُلُـمَ !..

آهٍ!.. كَـمْ تَعِبنـا مـن المنـافـي والقِفـارِ والجبـال ..

بالكتابة أُحاول تضميد جراحاتٍ تناسلت بداخلي ،

دون شكوى أو إستفاضة بالشَجَن ..

  فنحنُ أَخطاءُ “آبائنا “، نبحثُ عن صوابنا ..!!

يحيى علوان

 

غايتنا هي تقديم خطوات منهجية لدراسة نص” مطارد بين… والحدود “٭٭  للكاتب يحيى علوان انطلاقا من كون النقد  كما تعرفه “دائرة المعارف البريطانية” على انه المناقشة المنطقية والمنظمة للعمل الفني وتفسيره وتقويمه.

تحدد  تعريف النص سبعة معايير : هي التماسك الداخلي والاتساق والتقبل ومراعاة الأحداث والإخبار والتناص ٭٭٭. كما إن تّحليل النص يعني فصلَ مكوّنات النّص عن بعضها ودراسة أجزائهِ.  إضافة إلى تقويم الوسائل التي استخدمها المُؤلّف يحيى علوان  لإنجاز نصّه الأدبيّ.

يعتقد المؤلف بأن النص ليس:

“كتابةً نادمة على ما فات، بل نَصوصاً مفتوحةٌ ، صَبَبْتُ فيها شيئاً من نزيف الروح وما جفَّ من حبال الحنجرة..عُصارة ما جَنيتُه من خِبرةٍ حياتية متواضعةٍ .. أصبتُ فيها حيناً ، وأَخطأتُ أحياناً .. لا هي رواية ولا هي قصة  لا هي نصٌّ علميٍّ .. بمعنى لا مكانَ فيه للأستدلال أو التوثيق .. بلْ هي نصوص أدبية تَعرض لـ جانبٍ فقط من تجربةً شخصية ، لا تنفي غيرها .. تُحاولُ إستقراءَ التجربة في جانبها “الفرداني” بعلاقاته مع “الآخر” قصدَ التكامل معه ، وما يرشح منها في الوعي والذاكرة ، لتكوِّنَ زُوّادةً لما بقي من فُضلَةِ العمر!..إنها كتابةٌ أدبيةٌ ، فيها هَمسٌ وبَوْحٌ موجوعٌ ، حتى وهي تصرَخُ أحياناً !.. نصوصٌ مُؤثَّثة بلغةٍ غير مُستهلكة ، لا علاقة لها بلغة الفاست فود الثقافي  !… Food Food الذي يملأُ سوقَ الكتاب  ” نصوصٌ تشتغلُ على اللغة ، تَتَجرَّأُ على التابوهات ، وأولها التابو السياسي / الحزبي ، الذي كانَ مُهاباً .. فيها مُساءلةٌ لتلك التابوهات عن شرعيتها إزاءَ حريةٍ جرى إكتسابها بمَشَقَّة!..

فقد إنهارت فينا “المرجعية”، التي كانت تؤطِّرُنا ، تُنَظِّمُ العالمَ من حولنا .. تزودنا بموقعٍ وهويَّة ، مقابلَ أنْ نتخلّى لها عن رأينا الشخصي !.. تحطَّمتْ ، وغدا كلٌّ منا ” مرجعيةً ” لذاته ، معيارها الصدقية .. ذلك أنَّ التجربة قد غَمَرتنا ، سَحَقتنا ، فَرُحنا نمشي على ” لَحمِ أسنانا “، مما لم نتعوَّد عليه من قَبل !.. وحينَ غَيَّرتنا (التجربةُ) ، رُحنا نُقطِّرُ الأسئلةَ والشكَّ ، بلْ ولَجنا عالمَه ، فلم يَعُدْ بمقدورنا تصديق ما يُروى لنا. صِرنا أمامَ سؤالٍ مِلحاحٍ كيفَ نُغيرُ التعبير عنها أو نُحيطَ بها كفايةً لنهظمَ ما أَلمَّ بنا..

ونحوِّلَها إلى مِلكٍ لنا ، وليسَ لـ” المرجعية “!.. إلى معنىً جديدٍ مُيسَّرٍ لحياتنا ، كي نتعرَّفَ على ذواتنا لِنُدرِكَ كمْ تغَيّرنا ، كيفَ .. وإلى أينَ نحنُ سائرون !..”

 

تعيد تقنية الإبداع خلق عملية الحياة مشروطة فقط بتلك الظروف الخاصة التي يتطلبها فن الأدب.  فللأدب قواعد وتقاليد نشأت خلال ممارسته الإبداعية ، قادت إلى طريقتين في التعبير عن دلالة الصورة الأدبية :

واحدة توظّف دوالّها وفقاً لطريقة «التعيين»
ثانية،  توظّف دوالها وفقاً لطريقة «التضمين»

 

ويفسر رولان بارت العمليات الدلالية التي تُنْعَت عادة بلفظي التعيين DENOTATION  بالمعنى المباشر الحرفي ويعني في الأدب عادة استعمال دلالة اللغة بطريقة تدل بها على ما تقوله والتضمين.CONNOTATION  بالمعنى الثاني الإيحائي. ويعني في الأدب عادة استعمال دلالة اللغة  بطريقة تدل بها على غير ما تقوله. ويحدث التضمين عندما تصبح نفس العلامة ، الناتجة عن علاقة بين الدال والمدلول ، دالا على مدلول جديد ، أي المعنى الثاني الإيحائي.

ويبين نص “مطارد” كيف يجمع المؤلف بين التعيين والتضمين في تركيب مميز ويوظف أسلوبا سرديا  متنوعاً ، لدرجة أن الناقد العارف لا يعود يميز بين التعيين أو التضمين ،  لأن الاثنين يصوغان شعرية مبتكرة تبدو كما  يقول جون ليفنجستون لويس : ” أعط كوليردج كلمة واحدة مفعمة بالحيوية من حكايات قديمة ، ودعه يمزجها بكلمتين في ذهنه مترجما (المصطلحات الموسيقية إلى مصطلحات من الكلمات ومن ثلاثة أصوات) فانه لن يصوغ صوتا رابعا وإنما سيصوغ نجماً! “.

 

ومع إن عملية السرد في أي نص ، مهما كان جنسه أو نوعه ، تنتج في الغالب من حصيلة جدلية للطريقتين ، أي حصيلة تركيب فني من ما هو شعريُّ ومن ما هو نثريُّ  أو العكس ، لكن تبدو لنا إن عملية التركيب بين عناصر السرد الشعري وعناصر السرد النثري  قي نص “مطارد بين… والحدود ” مركبة من نوعية خاصة ، مميزة وفريدة. وكما يعتقد المؤلف فأن نصه بمثابة  نَصوصٌ  مفتوحةٌ :

 

“لا هي  رواية  ولا قصة  ولا هي نصٌّ علميٍّ … أي لا مكانَ  فيه  للاستدلال والبَرهنة  أو التوثيق … إنما  هي نصوص أدبية تَعرض لـجانبٍ  فقط  من تجربةً  شخصية ، لا تنفي غيرها. … “

 

وإذا ما عدنا الى الوظيفة الشعرية كما عرفها رومان جاكبسون فيمكن ان نفهم أن البعد التعبيري في النص  يهيمن عليه التضمين وبالتالي يتأسس على  وظيفة شعرية ،  تهدف إلى إرسال رسالة كما لو أنها بمثابة غاية لذاتها. وكما لو إن ذات متلقي الرسالة هو في الغالب ذات من يرسلها.

 

يحضر المرسل في هذه النصوص ، بقوة ، بحيث لا يكون فقط ضمير المفرد بالضرورة. بل يؤلف ما يسميه المؤلف مركزية “السارد”… في نص يجري فيه التعبير عن “الكل ”  في لغة نص…نص “قاموسٍ شخصي “ينحت في اللغة  ، ولا يوجد إلا في اللغة ،  ويظل مقصورا من إلفه إلى يائه على اللغة وحدها ، فهو ليس سوى لغة ذات: 

“جديدة مُجربة ، لديها ما تقوله عن تجاربها بلغتها الخاصة ، غير”البائتة”، لُغةٌ لا تُدوِّرُ المعاني المجردة والماهيّات الثابتة ، بلْ تستولدُ أسئلة جديدة وأدوات تفكير جديدة بغيةَ بناءِ هوياتنا العامة والفكرية ، على  مسؤوليتنا وإنحيازنا، لا وُفقَ ما تراه ” المرجعية “!  لُغَةٌ تعتمدُ أدواتٍ وأشكالاً تعبيرية أقلُّ ” إنضباطاً ” من الأشكال المألوفة ، التي لا تنسجمُ مع حُرقَةِ التجربة الشخصية المُعاشة ! وبالتالي فهي كتابةٌ ليست هاربةً من التفاصيلِ والصراع ، لا تُولِّدُ معنىَ جديداً .. يَحتملُ أَنْ يُفضي إلى الإنعتاق … بل هي كتابةٌ عن تجربةٍ ساخنة ، لا تعتمد “الأذنَ”– دونَ إذلالها !– بل”العين” الرائية ، إلى جانب عينٍ داخليةٍ ، تُنظّمُ ما ترى وتُحوِّلُ

“المحسوسَ” إلى “معقول” مصدراً أساسياً للكتابة . فقد دخلَ ” الجسَدُ ” في الصراع وتعرّضَ إلى ما تَعرَّض ، وجرى إكتسابُ وعيٍ آخر .. كَسرَ القوالب اللغويةَ الجامدةَ والمُحنَّطة ، التي تُراوغُ عن المساءلةِ ، و”تتَعفَّفُ”! عن تسميةِ الأسماءِ بأسمائها .. تستعيض عنها بالتعميم والمُداوَرَةِ ، والكلام ، الذي لا يقول شيئاً مُحدَّداً ولا يتناولُ أوضاعاً محدَّدَةً بعينها في زمانٍ بعينه ومكانٍ موصوفٍ بعينه … قوالبَ لغوية عمومية ، لا تُناقِش أو تُحاور ، لا تنتفضُ على ” التابو ” ، وبذلك لا تُغادرُ “المرجعيةَ” المَصونة ، التي لا “تستعمرُ” الخبرةَ حسب ، بل حتى اللغة .. وتحتكرها لنفسها فقط !!”

 

إن تحليل النص إلى وحدات مستقلة متساوية القيمة  أو تسلسلها المنطقي في مركبات –  حسب يوري لوتمان  – يقدمان المعايير التي تسمح باستخلاص المستويات الملموسة لبناء النص. فبعد القيام بتقطيع  النص إلى وحدات قرائية  متجاورة متفاوتة الحجوم أو الأحجام ، يتحول فيها النثري إلى شعري ،  ويعيد سرد الأحداث الواقعية أصلاً ، بحيث تتحول إلى أحداث يردها خيال فني هاجسه النحت  في أسلوبية شعرية ، تكاد تكون مهيمنة في كلية النص. وعلينا ، كما يتطلب النص ، أن نحاول تبيان كيف تٌشكل وحداته المستقلة أسلوبه التعبيري : بحيث يتطلب تأويله استنباط القواعد التي تحكم تآلف وتنظيم تياراته السردية ، انطلاقاً من أن  النص يشكل وحدة كلية مترابطة الأجزاء ، جمله تتبع بعضها بعضا ، وفقا لنظام سديد  ، بحيث تسهم كل جملة في فهم الجملة التي تليها فهما معقولا ، كما تسهم الجملة التالية في فهم الجمل السابقة بشكل أفضل . وهذا يبين ان الجملة ليست وحدها التركيب الذي يحدد المعنى ، إنما يتحدد المعنى أيضا من خلال النص الكلي الذي تتضامن أجزاؤه وتتآزر ، لأن بنية الكل شيء آخر غير مجموع الأجزاء ، فالكيان المنظم يتكون من أجزاء يرتبط ويعتمد بعضها على بعض والقصد ان تشترك جميعها في النًسج ، لتصبح العلاقة بين الكل والجزء علاقة مشحونة بالمعاني.

 

وعلى الرغم من كثرة الأساليب المستخدمة في النصوص الأدبية ، يبقى المهم هو دور الكاتب المبدع ،  الذي يقوم بإعطاء أسلوب الكتابة معنى ، وجمالاً ، من خلال نصه الذي ينسجه عبر اللغة .

تهتم الرؤية السردية باستخراج قواعد داخليّة من الأجناس الأدبية ، وتوجيه أبنية النظم واستنباطها أيضاً؛ بالإضافة إلى تحديد كافّة السمات والخصائص التي تتسم بها الأعمال الأدبيّة. كما هو متداول فإن هناك أشكال ثلاثة مستقلة للسرد ” هي:

أولاً :  نوع سردي متسلسل ، يقوم في الأساس على نظام خطي واضح وواقع ضمن تصور للزمن  ، يعتمد السارد فيه على التدرج في وقوع الأحداث فيقوم بسرد الحدث الأول ثم الحدث الثاني والثالث ، وهكذا حتى نهاية الأحداث .

ثانياً :- نوع سردي تناوبي ، يحكى بواسطته عدد اً من القصص المتناوبة فتبدأ قصة ، وتتلوها أخرى ، ثم تعود القصة الأولى ، ومن ثم العودة إلى القصة الثانية مرة أخرى ،

ثالثاً:- نوع سردي يقوم في الأساس على مخالفة التسلسل المنطقي ، والخاص بوقوع الأحداث ، ويعتمد على تقنيات كتابية متعددة مثال الحذف ، و التلخيص ، و الاسترجاع ، و الوصف…  

يستخدم النص الأشكال السردية الثلاثة بشكل متداخل غير مألوف ومبتكر.

وينطلق المؤلف من ماذا حدث حقا في الواقع

وكيف يسرد تلك الأحداث في النص

 

تسرد الأحداث في النص في الزمن الحاضر خطيا  ، لتتولد منها حكايات،يطلق  عليها تودوروف ” توالد الحكايات” وهي ظاهرة سردية خالصة ميزت ” ألف ليلة وليلة “، وشكلت سرديا حالة خاصة من الترابط في نص “مطارد” ، ففي  كل مرة  تظهر شخصية في رحلة السارد  تتوالد فيها  تجربته في حكاية جديدة ، كذلك يأتي سرد أحداث من الماضي –  استرجاع : فلاش باك- أي عودة للماضي، مع  تعقيبات حوارية مباشرة للسارد على شكل تناص ، ففضلا عن الهوامش ، التي يصل عددها الى (68) هامش والى 4402 كلمة تَتغذّى كتابتها من  مخزونٍ المؤلف  الثقافي والفكري ، مما يعمق من التناص ويضيف لمتنه معلومات ضرورية عن للمكان والأشخاص والأساطير والتنظيمات السياسية و: سيجد القاري – حسب قول المؤلف – في المتن تعابيرَ وإحالاتٍ إلى أشخاص وكتّاب من مختلف القارات، والأزمنة وضعتها بين قويسات، توخياً للدقّة ، وما تستلزمه الأمانة.

ــ بعض الأسماء ترد بصيغة “أبو فُلان..” ليس تصنُّعاً، إنما لأنني أجهل أسماءهم الحقيقية فعلاً. فحيثما كان متوفراً لي معرفته وضعته بين قوسين !..

 

أمثلة:

نَتَـذكَّـرُ أَيـامَ غُـربَتِنـا هنـاك، يـومَ كُنَّـا نـرقُصُ فـوقَ الحقـائب سـاخِـريـنَ مـن سـيرةِ المنفـى، ومـن بـلادٍ سـوفَ يهجُرُهـا الـحنين…

نُـردِّدُ مـعَ بريشت:

” لا تَـدُقَّ مِسـماراً فـي الحائط،

إرمِ مِعطَفـكَ علـى الكرسـي،

فأنتَ عائـدٌ غـداً !.. “

أو في الهوامش:

 

قولٌ للجواهري الكبير: ” لو في يدي لَحَبَستُ الغيثَ عن وطنٍ مستسلمٍ وقطعتُ السلسلَ الجاري .. بيعَ الدراهمِ باعوا وإشتروا وطني فكلُّ عشرةِ أميالٍ بدينارٍ “

أو:

كـانط:” يُمكـنُ لنارِ جهنمَ أن تحرق كـلَّ شيءٍ فيكَ، إلاّ ذكـرياتِكَ وأمنياتِكَ ، التـي لـم تَتَحَقَّقْ !.. “

 

ومع إن النص – حسب بارت – نسيج من الاقتباسات تنحدر من منابع ثقافة متعددة ، لكنه يرى أن  الكاتب يتمتع بالقدرة على اختيار العناصر التي يوُلف فيما بينها . أي إنه يوُلف فيما بين اقتباسات لا يقدمها كذلك ويعرضها دون وضعها بين اقواس.

 

كيف؟

 

يقدم الناقد الدكتور صبري الحافظ ، بتحوير طفيف ، تعريف جوليا كريستيفا التَّنَاصُّ ٭٭٭ بأنه ” جمل من المعارف التي تجعل من الممكن للنصوص ان تكون ذات معنى وما  ان نفكر في معنى النص باعتباره معتمدا على النصوص التي استوعبها وتمثلها ، فإننا نستبدل مفهوم تفاعل الذوات بمفهوم التناص “. وهو ما يشير إلى علاقة بين نصوص مسبقة ونص جديد ، يتداخل معها ويحاورها ويتفاعل معها ، و”تتقاطع في فضائه أقوال عديدة من نصوص أخرى ، مما يجعل بعضها يقوم بتحييد بعضها الآخر ونقضه ” . إن مثل هذا التصور للنص جعل كريستيفا “تقترح رؤية نقدية جديدة ،  تؤكد انفتاحية النص الأدبي على عناصر لغوية ،  وغير لغوية (إشارات ورموز) متجاوزة بذلك التصور البنيوي .”.

 

إضافة إلى ذلك فأن التناص هو ايضا مفهوم إجرائي يساهم في تفكيك شفرات النصوص  ومرجعيتها وتعالقها بنصوص أخرى. فاني أعود بدوري الى رواية “أرض البشر” التي هي أيضا كنص “مطارد” من فنون السيرة الذاتية ، يروي بها  “سانت اكزوبيري ” خلال قيادته لطائرات البريد الجوي عبر صحراء شمال أفريقيا ،  ومن تلك التجربة يستمد سيرته الذاتية وتتعرُّف على نفسه من خلال تصرفاته أمام ما يصادفه من تحديات ومخاطر ، تصل إلى ذروتها عندما يحكي عن نجاته بأعجوبة بعد تعطل طائرته في الصحراء.”

 

وكأن سانت أكزوبيري يتحدث عن مصيره الشخصي في تلك الصحراء لكنه في رواية “الأمير الصغير ” يقول على لسان الامير الصغير : “للناس نجوم يختلف بعضها عن البعض الآخر ، فمن الناس من يُسافر فتكون النجوم مرشدات له ، ومن الناس من لا يرى في النجوم إلا أضواء ضئيلة ، ومنهم من يكون عالِماً فتصير النجوم قضايا رياضية يحاول حلها ، ومنهم من يحسب النجوم ذهبا ، وهذه النجوم على اختلافها تبقى صامتة ، أما أنت فتكون لك نجوم لم تكن لأحد من الناس”. وهكذا هو أمر مؤلف “مطارد”، فأنه في مراوغته للغة يحاور نجوما بعيدة ، لا يصل ضوءها للناس ، لتكون مرشدات له في محطات رحلة الضنى الطويلة ، علهّا ستصيرُ ، بلغته الشعرية : نجـومـاً ، تُزيدُ ضوءَ السماء !.

يكرس يحيى علوان 65 صفحة لوصف الصحراء في فصل “حينَ يغدو المُؤمَّلُ كميناً !”

 

رَملٌ .. رَملٌ، ثُم رملٌ .. فرملٌ..

 على إمتدادِ النظر .. وما خَلفَ تُخـومِ المـدى..

لا شيءَ غيرَ الرملِ .. حتى ما وراء السراب،

وحيداً يتَمَطّى في عُزلَتِهِ..

رَملٌ يقضي العُمرَ يلتحِفُ برملٍ،

رَملٌ يرحلُ.. ورملٌ يأتي ، بُروقٌ ورُعودٌ من سحابٍ عاقِرٍ…

مُوحِشٌ هـذا الرمـلُ..

ضَجِـرٌ يبحثُ عن ظِلِّه ، ومُضجِرٌ هذا الرملُ الأخرَس .. يعجزُ ، حتى عن إرجاعِ صوتِ كَعبٍ عالٍ ، تَتَلَهَّف إليه مسامعي ، تَتَلهَّى به مُخيَّلَتي ، تَرسِمُ قِواماً مَلائكيَّاً فوقـه !.. كانَ (الرملُ) يُمَنّي نفسَه ، أَنْ يتَوَزَّعَ في ساعاتٍ رمليّةٍ .. ولَمّـا أَدرَكَ عَبَثيَّةَ الفِكرَةِ ، سَقَطَ في كآبَـةٍ أَبَديَّةٍ ، لا خَلاصَ  له منها ، إلاَّ بالتآخي مع الريحِ ، تَذْرُوه ، تركلُه .. تَسحله وراءَها ، أو تسوقُه أمامها ، حيثُ تَهـوَى !..

……….

 نَسيَ الزمانُ أَنْ  يَمُرَّ من هنـا ، كلُّ شيءٍ بقيَ على حاله .. رَملُ !..

الرملُ هوَ الرملُ .. حيثُ تَتَصحَّرُ اللغةُ ، فَتَتَهَدَّلُ،

قَحطٌ بَصَريٌّ .. تَتَوَحَّشُ فيه طِبـاعُ البَشَرِ،

يَنِشُّ برائحةِ رِيبةِ الظُلمَةِ ورَعشَةِ القَلَقِ والتَرَقُّبِ..

والرَملُ ، فوقَ هذا وذاكَ ، يَشحَذُ الحواسَّ كالنِصـالِ!..

رَملٌ وكثبـانٌ بلونِ النحاس ، تُزيدُ الشعورَ بلظى الصحـراء..

هِيَ بحـرٌ نعبره بقاربٍ مكسورٍ ، زادُنـا بَوصَلَةُ وجَعٍ ،

مأخوذينَ .. نَنْزَعُ عن الكَلِمَ كلَّ حروفِ النَفيِّ .. نفتحُ نوافِذَ الرهبَةِ ، نُصغي لِهَمسِ العواصفِ الملعونَةِ ، نَتدثَّرُ بأعاصيرِ السؤال..

ونلتحِفُ بجبالَ الرعـد ..(…) لا صوتَ في الصحـراء ، ولا صريرَ .. سوى ثَرثرَةُ ريحٍ تَلثَغُ ، فَتُصفِرُ في صِوانِ الأُذنِ .. فالريحُ عباءةٌ ، لا أحد يرى أَلَمَكَ وسط هذا الرمل / العذاب ، حتى الصدى إلتهمه الرملُ. صمتٌ يُصِرُّ الآذانَ ، تروحُ معه تسمعُ أَنفاسكَ فتفقدُ حتى حِسَّ التعاطفِ مع نفسك !.. والسماءُ حُفرَةٌ  فارغَةٌ مخيفةٌ تُوَلِّدُ الرهبَةَ ، تُطِلُّ ضاحِكةً  بمكْـرٍ من عَلٍ .. والرملُ ، غَيبٌ محفوفٌ بالريبـةِ أو الكَمَـأ .. رُغمَ شَكّي الكبير في أَنْ تكـون هذه الأرضُ قد حَمَلَتْ ذاتَ يومٍ كَمَـأً !… فحتى السحابُ هنا خُلَّبٌ !…

لا بابَ لهذه الفَلاة .. مُشرَعةً للريحِ تدفعني إلى منفىً مستديمٍ ، لو أَفلحتُ في النجاةِ مما تُخبئه لـي ..

وحيدٌ أَنا ، ولا أَحَدَ يبكي عليَّ إِنْ مِتُّ هنـا ، وبانَ ما إستبطنتُ من أسرارٍ!..

لا حَجَرَ يتخبّى خلفه الحَجَلُ،

تُرى أيّ طائرٍ سيحطُّ فوقَ جثتي إنْ نَفَقْتُ تحتَ هذه الشمس اللئيمة!..

……..

يومَ كُنّـا صغاراً ، قبلَ أَنْ نَتعلَّمَ فَكَّ الحرف ، حينَ لَمْ نكُنْ نعرفُ لُعَبَ الأطفال ، كُنّا نتحايَلُ على البنّائينَ ، نملأُ الجيوبَ وحُضنَ الدشداشة (الجلاّبية) ونَفِرَّ هاربينَ كالشياطين ، بما سرَقناه من رملٍ .. فَرحانينَ، نفرشه في الصينية ، أو على صفيحةٍ معدنيةٍ ، نصنعُ منه تشكيلاتٍ من بناتِ خيالاتِ الطفولة .. ولَمّا نَملّ منها ، لا نلبثُ أَنْ نُطيحَ بها ، قبلَ أنْ تُغنّي السيدة فيروز

:” بكتُب إسمك يا حبيبي عالحوْرِ العتيق..،

  بتكتُب إسمي يا حبيبي عا رملِ الطريق ..”

(…)

 

مفيستو ينقُرُ على كتفي مُعابثاً:” ما دُمتَ تشكو من الوحدة ، لماذا لا تبحثُ عن أشباهِكَ الأربعين كي تصيرَ علي باباـهم ؟!..”

لَـنْ أّشكو من تَعاسةٍ تَغمُرُني برعايتهـا !.. لَـنْ أَلتفِتَ إلى ظِلّـي الحزينِ ، يكنِسُ خَطوي ورائي ، يَعرِجُ صامِتاً في دروبِ الرملِ.. 

مثلَ ذئبٍ مصابٍ بالحُمّى ، أَتبَدَّدُ داخِلَ وَحشَتي،

سأَرمي ذاكرتي ، جُبنَةً لفئرانِ النسيانِ..

وسيتشظّى الهـواءُ عندَ تُخومِ فَمـي ، نَسِيَ الكلامَ ، كلّما زَمَمتُه وهَمَمْتُ..

فلا حاجةَ الآنَ للكلام !.. لأنَّ ” الضروريَّ ” يأتي غَفلَـةً ، دونما تخطيطٍ !..

خَسِئتَ ، أيها الرملُ اللعين ، أراكَ تَتَلمَّضُ  بقَضمِ ساعاتِ عمري ، لكنني لن أستسلم ، فلديَّ الكثيرُ ممّـا لم أُنجزه بعد!..

ولديَّ وعدٌ، مَزمومٌ على نفسهِ ، بالعبورِ إلى الضفّةِ الأُخرى..

أكرهُ الرملَ ، وأَدري أَنه كُرهٌ غيرُ منطقيٍّ !.. لكنه يُذكِّرُني ، غريزيَّاً ، بصهاينةِ العُربِ في “الجزيرة شبه العربية “!.. من ملوك الرملِ ، سلاطين الرملِ وأُمراءِ الرملِ !… (…) تَحَرَّكَ “مُنقذي” بدراجته النارية ، وأَنـا أَحتظنُ خاصِرَتَه من الخلفِ. كنتُ جاهزاً ، إلاّ قلبي ، يَستبطِنُ الريبةَ والشكَّ !.. والريـحُ  مُهرَةً جَموحٌ .. ما أنْ تَركنا الشريطَ الحدوديَّ ، وَلَجْنَـا في جَوفِ الصحراء .. تاهَتْ عليَّ الإتجاهاتُ ، لأنَّ

” صاحبي ” لَمْ يَسلكْ خطّـاً مستقيماً .. صار الرملُ من أَمامنا ، ومن خلفنا رَملٌ !…

 

وينتهي فصل الصحراء بحوارٍ مع أحد المُهربين ، يقول فيها :

 

فهذه الصحراءُ كبيرةٌ لا تَحُدها إلاّ رحمَةُ الباري عَزَّ وجَلْ .. قد يحاوِلُ البعضُ ، طَلَباً للرزقِ ، إجتيازَهـا بمفرده أو بوسائطَ ، لا تَنفَعُ في هذا المكان من أرض الله .. سيموت ولا يجدُ مَنْ يواريه التُرابَ .. ويكونُ فريسَةً سهلةً للضواري ، فتَظلُّ روحه هائمَةً في الصحراء .. وهو ما لا يجوز ، لأنه حَرامٌ !.. فأنْ خَرَجتْ الروح من الجَسَدِ ، لا يبقى منه سوى قشرةٍ يَغزوها الدُودُ والنملُ ، بعدَ أَنْ تنهشه الضواري والعُقبانُ..

نحنُ من المحظوظينَ ، فقد وَهبَنا الله هذه الدَواب ، وأشارَ إلى الدراجة الناريةِ ، وأنتَ محظوظٌ أيضـاً ، إذْ دَلَّكَ علينا ، وإلاّ كُنتَ وقعتَ بأيدي مَنْ لا يَخافُ اللهَ .. كانوا سيقتلونكَ ويَنهبونَ ، حتى ثيابَكَ، ويتركونَكَ طُعمـاً للضواري !.. “

 

يتم سرد النص في تيارات ثلاثة :

تيار تعبير شعري يجمع في بنيته ،  عناصر سرد شعرية ، تكون طاغية

 

يـومَ صُحبةِ “ماسِ السماءِ” نَحوَ أرضِ آشورَ سَرَيْنَـا ،

كان القمرُ وردةمنفِضَّةتَتَفَتّحُ علىمَهلِهاخلفَ الجبل ،

حَكيمٌ عند بوّابة آشورَ ،أَسَرَّ لَنـا :

” أنصحكم أَنْ تقطعوا أوردةَ  الزمـان عن شُجيراتِ أَعماركم …   

فهذه أرضٌطاردةٌ لأهلهـا ، سَتُبَدِّدُ أَحلامَكم … لأنهـا تَتَهيأُ لِمَـا

سيأتيها من هُبوبِ الهَبَـاء ، وتَنْصِبُ خيامَـاًللنواحِ وللحنين ،

خُـذوا معكم ما يكفي من الذكـرى ، زُوّادَةً ، تحتاجونها عمّا قريبٍ

في القحطِ الزاحِف عليها ..!

 

* تَعِبنا من الموتِ .. من “حضارةِ” الموت ، من إعلامِ الموت .. من مُثَقّفي الموت،ونياشينِ الموتِ.. ونُصوصِ الموتِ..

 

*   نحنُ مُشَرّدو اليوتوبيا ، هَرَبنا لما بعدَ السماءِ السابعة !.. نجهَشُ بالنورِ، كي لا تَستقيمَ                                                   الخطيئةُ ، فيَهلَكَ البيانْ .. لأنَّ هناكَ مَنْ يُصرُّ على تَدْجينِنا كي ما نكونَ “قَنوعينَ” ، نكِفَّ عن

 “النَقْ ..!”، وعن محاولةِ إقتحامِ ” السماءِ بقبضاتٍ عارية “..!

لَمْ يبقَ أمامنا ، غيرَ أَنْ نُلَملِمُ ذؤآباتِ طيوفِنا ، نُرمِّمُ المرايـا ، مُكسَّرَةً ، بعجينة الـ” خيّاط فرفوري” حتى لا ننسى مَنْ نحنُ ، وكيف كُنّا..

عزاءٌ يتيمٌ .. حيثُ لا مرسـىً في خَبَلِ العاصفة !..

 

تيار تعبير نثري  يجمع في بنيته ، عناصر سرد نثرية ، غالباً ما تكون مهيمنة ، إلى جانب عناصر سرد شعرية مُكملة.

 

قبـلَ أنْ نصلَ طهـران بحوالي ساعةٍ ونصفِ الساعة ، توقَّفَ الباصُ فجأةً عند حاجز للتفتيش تابعٍ لما يُسمَّونَ بـ “حرّاس الثورة “.. صَعَدَ شابٌّ بوجهٍ ريفيٍّ، كَـدَّه التعَبُ والسَهَرُ، بسَحنةٍ خشنةٍ، تحنُّ لكفٍّ من المـاء.. راحَ يتفَرَّسُ في وجوه المسافرينَ، ويَتَشرَّبُ سَحناتِهم، أو هكذا درّبوه، يشيرُ بيده إلى رجلٍ طويلٍ يجلِسُ في الصفوفِ الأماميةِ أَنْ يميلَ جانباً لِتَتَسنّى له رؤيةُ مَنْ يجلسُ وراءه !.. يتسارعُ النبضُ، وينطُّ القلبُ مثلَ سنجابٍ مَفزوعٍ .. كأنّي أَحسبُ أَنهـم يبحثـونَ عنّي !.. أَروحُ أَتَحسّسُ الهويةَ المزورةَ وكذلك إجازةَ المقاتِلِ!..

يتخـاذلُ الوقتُ في جَرَيانـه، فَيُزيـدُ من عذابِ لحظـةِ الترقُّبِ، المشنوقَةِ تحتَ خيمةِ الليلِ..

 

 

تيار تعبير نثري تقريري مباشر:

 

لَفَّني دُوارٌ ، تقلَّصتِ المسافاتُ .. ظننتُ معها أنَّ الجدران تكاثرَتْ وراحت تنهارُ نحو الداخل مثل صندوقٍ من الكارتون..

أرجعني ذاك الشعور إلى غرفة في سطوحِ ” فندقِ الأَعيان” بشارعِ المتنبي في بغداد ، كنتُ إستأجرتها بثلاثةِ دنانيرَ ونصف ( ما يعادل آنذاك 10 $) في الشهر عندما كنتُ أدرسُ في الجامعة ، حتى مغادرتي العراق في أواخرِ عام 1969. لم تكن تلكَ الغرفة / القِنْ تَتَسِعُ لأكثر من سرير .. وطاولةٍ صغيرةٍ من الفورميكا ، وضعتُ فوقها غراموفون ، إستَعرتُه ، حينها من إبن خالتي ، مع ثلاثِ إسطواناتٍ ” حلاّق إشبيليه”، “بحيرة البجَع” و”شهرزاد “.. كَبَسَني مسؤوليَ الحزبي ، ذاتَ ظهيرةٍ قائظةٍ ، لمّا زارني على غيرِ موعدٍ ، يحملُ مجموعةً من المنشورات الحزبية السريّة. 

إنتقدَني / قُلْ وبَّخني على “سلوكي البرجوازي الصغير بسماعِ موسيقى غربية!..” حاولتُ حينها إقناعه بأنَّ الموسيقى غذاءٌ للروح مثل الكتاب .. لم يقتنع ، أصرَّ على أَنَّ سلوكي

” برجوازي صغير لا يتماشى مع السلوك الشيوعي .. كذا” 

 

 

يبدو هاجس الحال السردي في بنية النص كما يقول فال انكلان : “تعسا لمن لا شجاعة له على الجمع بين كلمتين لم تقترنا أبدا من قبل”. فالسرد ينحت كتابته بلغة للتأمل : لُغةٌ لا تَتَبرَّأُ من الخيال…لغة تتوسَّلُ  كل ألوان  الكتابة ، وتوظف الصورة  والإشارة  والتلميحَ والرمز وحتى الدُعابة ، إلى  جانبِ دفقٍ من مَجازٍ وعفوية:

 

لا مَنـارةَ ، تتَحرَّشُ  بِخاصِرةِ  السماءِ ، فينفرِطُ  منها عقدُ نُجيماتٍ ..

لا مئذنةفوقهايحطُّلَقلَقٌ ، يتدفّأُبالأَذانِ ، ولَمّايعودُبعدَعامٍ ، يجهَشُباكيـاًحنيناًلبقايا عِشٍّكانَلـهفيزمانٍرَحَلَ ..

أمْ أنه لللَّقلَقِأعشاشٌأُخَرٌفيأماكِنَأخرى .. أمْأنهيسكنُخَفقَجناحِه ، يَتوسَّدُحَجَراًلَمّـايتعَبُ..؟!

 

يتناول نص “مطارد بين … والحدود *  ” محطات رحلة ضنى للكاتب استمرت لستة شهور بدأت من كردستان العراق إلى غرب  إيران ثم إلى طهران ومنها إلى مشهد فالمثلث الحدودي بين إيران وباكستان وأفغانستان ، حيث وقع في كمين لحرّاس الثورة ، وتمَّ زجه في السجن بكرمان ، ليهرب بتدبير رشوة ويتابع مسيره على الأقدام ، بركبة معطوبة  وعصا ، في العبور إلى أفغانستان … إلى هِراتْ ، حيث تم حجزه في بيت تابع للاستخبارات العسكرية الأفغانية وجرى تحريره وبعد أسابيع ليتابع  السفر إلى كابُل .. ومن * كابُل إلى  ألما آتا (كازاخستان ) وموسكو ،اخيرا  إلى برلين الشرقية / مقر إقامة عائلته. 

ستنتهي ، إذن،  رحلة الضنى في موسكو أخيراً : وسيحلَّ موعد السفر !..

أتيتُ من تيـه ، لأدخلَ في تيـه !..

ودَّعتُ أبا مخلص ” الرفيق عبد الرزاق الصافي عضو المكتب السياسي .. ولمّا لاحظ ما كان يعتريني من قلقٍ ،  قال :  روح ، وشوف !..

خلّيك مفتوح على كل الاحتمالات !.. المهم ، تشوف بنتك أولاً .. والبقيّة إلها حَلاّل !..”

أُغادرُ موسكو إلى برلين متوفِّزاً .. دون فرح ، كنتُ أرعاه في الجبل.!..

 

 

٭ رولان بارت ، درس السيمولوجيا ، ترجمه. بنعبد العالي ، دار توبقال للنشر 1980

٭٭  يحيى علوان ”  مطارد بين … والحدود ” دار الفارابي بيروت 2018

٭٭٭  عبد الوهاب شعلان . لسانيات النص. مكتبة الآداب القاهرة 1923 

٭٭٭٭  د. صبري حافظ . أفق الخطاب النقدي دار شرقيات للنشر والتوزيع القاهرة 1996

 

اسم الكتاب

مطارد بين … والحدود

اسم الكاتب

يحيى علوان

الناشر

دارالفارابي – بيروت 2018


مخرج ومصوّر وباحث سينمائي. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: "بعيداً عن الوطن""، و""فلسطين سجل شعب""، و""شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب""، و""وطن الأسلاك الشائكة"". وقدّم روائياً ""الزيارة"" 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و""اليازرلي"" 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض. من كتبه: ""فلسطين في السينما""، و""المرئي والمسموع في السينما""، و""مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم""، و""مونوغرافيات في الثقافة السينمائية""."