مراحل كتابة السيناريو
العدد 149 | 07 نيسان 2014
قيس الزبيدي


يواصل المخرج والناقد قيس الزبيدي تقديم دروسه في كتابة السيناريو وها هي الحلقة الرابعة التي يتناول فيها الموجز والمعالجة مراحل كتابة السيناريو بعد أن تناول في العدد الماضي الفكرة الفنية/المادة الفنية.  

 

2. الموجز / الحكاية 

الموجز exposé

يطلق مصطلح المُوجَز على مرحلة ثانية من كتابة نص السيناريو الأدبي، وذلك بعد العثور على الفكرة الفنية. ويكتب في الغالب في 5 صفحات أو في 15 صفحة؟ وهو بمنزلة مختصر مقتضب للمضمون يُعالج خط سير الحدث المسرود: يصف الحكاية ونوعها ويبين أصالتها السردية وميزاتها، كما يُبيِّن تماسكها وجاذبيتها ليُقرأ في زمن قصير: ويُشبِّه الكاتب سيد فيلد هذه المرحلة بآلية البائع الذي يعرض بضاعته للبيع.

يبدأ هنا عمل الكاتب بإنجاز تصوره الذهني للعلاقة مع الحكاية وتجسيد الشخصيات الرئيسية، بحيث يعبر الموجز عن الموضوع، ويرتبط بالمغزى الذي يراد من الفيلم قبل أن يبدأ صياغة الحكاية. ومن المفيد في هذه المرحلة أن يقوم المؤلف بتدوين المغزى من الفيلم في جملة واحدة، ويوجز طبيعة الصراع في جملة أو جملتين، لكي تتضح أمامه دائماً صورة المغزى عبر أفعال وأحداث الحكاية.

وعلينا في الموجز أن نُجيب على أسئلة مثل من هو البطل؟ وما هدفه؟ ومن يعارضه؟ وما هو الصراع المركزي في الحكاية؟ ولا يجوز أن يتضمن الموجز أي حوار ولا أي إيضاحات تقنية، إنما يصف الجوهري فقط: أي يصف “ماذا” يحدث وليس “كيف” يحدث. يعيّن الـ “ماذا” وليس الـ”كيف”.

3. المعالجة

أمامنا طريقان، إماالشروع في كتابة السيناريو مباشرة،  وهذا يقود إلى إجراء تغييرات كثيرة، أو كتابة المعالجة السينمائية التي تعادل نصف حجم السيناريو؟

هناك من يقترح كتابة مرحلة تُسمى مخطط الحدث التمهيدي Outline في ثلاثين صفحة مثلا. وهذه مرحلة في الكتابة ليست مطلوبة في الغالب لكنها تساعد الكتاب المبتدئين على تدوين تتابع مشاهد الفيلم بشكل مِسودَّة دون الاستعانة بالحوار او بالوصف الأدبي، بل يكون الهدف منها وضع الخطوط العريضة لما هو بصري  تحديداً وليس لما هو أدبي. وقد ينفع مثل هذاالوصف البصري في وضع رسوم أو تخطيطات  لبعض اللقطات او المشاهد. أو حتى يمكن كتابة معالجة موسعة ثانية- في 100 صفحة مثلاَ- لخطوط الحدث العريضة انطلاقا من عملية سياق السيناريو. 

غير أنه من الأفضل في الغالب البدء في كتابة معالجة يتم فيها تقديم موسع للقصة أدبياً في 50 صفحة مثلاً، لإظهار حبكة الحكاية وتقدمها السردي ومفصلاتها وبنيتها الدرامية، ووصف الشخصيات الأساسية وتبيان الدوافع الدرامية،وفقا لتتابع الاحداث مشهداَ بعد مشهد، كما في السيناريو، بحيث يأخذ المرء انطباعاً بصرياً عن المشاهد المنفردة ومواقف الأفعال والتتابع الزمني والمنطقي في سياق حبكة الحكاية.أما الحوار فيكتب بشكل مقتضب بالأسلوب الحر غير المباشر في حالة وجود ضرورة لتشخيص ورسم الأمزجة والحالات العاطفية مع انه يُفضَّل كتابة حوار لمشهدين فقط، وذلك لتبيان نوعية ودور الحوار الدرامي في السيناريو المُقبل. ويراعى في الحوار طبيعته التمثيلية على انه كلام منطوق، وليس كلاماً مكتوباً للقراءة كما في الرواية الأدبية.

إن الأفكار والمفاهيم واللغة الاصطلاحية والتعليقات التحليلية، لا تعني شيئاً حقاً، سواء كان الفيلم يسرد بخط مستقيم أو دائري أو يكون قد تكسَّر وتشظّى إلى قطع صغيرة، لا فرق في ذلك. فالشكل يتبع البنية التي هي نقطة الانطلاق وليست نقطة النهاية، فالبنية في الغالب لا تتغير، إنما ما يتغير هو “شكل” الحكاية و”طريقة” سرد الحكاية.

 


مخرج ومصوّر وباحث سينمائي. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: "بعيداً عن الوطن""، و""فلسطين سجل شعب""، و""شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب""، و""وطن الأسلاك الشائكة"". وقدّم روائياً ""الزيارة"" 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و""اليازرلي"" 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض. من كتبه: ""فلسطين في السينما""، و""المرئي والمسموع في السينما""، و""مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم""، و""مونوغرافيات في الثقافة السينمائية""."