جنة عرضها السموات والأرض
العدد 243 | 02 أيار 2019
زياد عبدالله


 

بدا خوفنا من البحر مبالغاً به، ونحن نفترش الرمل، نفتديه بجسدينا وقد ألهبته سياط الشمس.

قالت: إنها الهاجرة.

وأردفت: البحر من أمامنا والصحراء من خلفنا.

وما كان هياج البحر إلا ليثبت فشل الشمس في ترويضه، وها هي تسوطه بكل أشعتها ولا تفلح. أما الصحراء فهاجعة لا تملك إلا انبساطها وتراميها.

تعرَّتْ

تعرَّيتُ

أنا آدم وهي حواء

لا أريد مفارقة جنتها ولا هي.

تسامقت شجرة المعرفة. تسامقت شجرة الجهل. وكانتا مثلنا عاريتين، ونحن ما طلبنا ورقة ولا فيء.

خضنا في البحر! فهاج أكثر، صفعنا بأمواجه العالية، غمرنا بوحشية، وحاول مراراً إغراقنا، فنفض عنا خشيته، لا بل صرخنا به: يا لك من فاشل! وهكذا انتقمنا من الشمس التي رأفت بنا ولم تضربنا ضربتها الشمسية.

خضنا في الصحراء! لا مفازات ولا تيه!

والجنة معنا.

جنة عرضها السموات والأرض في جسدينا.

 


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.