الإصبع الوسطى
العدد 146 | 21 شباط 2014
زياد عبدالله


البرد قاتل في الرابعة فجراً

كل ما تبحثين عنه يتجمّد بانتظارك

ثم يذوب

آخذها من يدي إلى جنة الكحول السوداء، مترنحاً من خيانات الكتابة، أسقط من على الأسطر، وأنا أتوق أن أتوازن وأن أمشي عليها.

أريدها بيضاء

الصفحات –

لست بهلواناً

لن أكونه

إذ ما من عصا معي لأتوازن على الأسطر

وحياة مسطّرة تشبه الاستيقاظ في الرابعة فجراً والكتابة إلى العاشرة صباحاً ومن ثم اكتشاف أن كل ما كتبته هراء

الانتحار لا بأس به وأنا أصل السيجارة الخامسة والعشرين

وبرد الرابعة فجراً ليس قاتلاً 

لم يقتلني.

 

العصفور وحيد

لا جديد في ذلك

أفكّر أن أنتف ريشه وهو في الحمام يعيش ليلاً خلقته له

الطاولة أمامي

العصفور من خلفي 

أين المفر؟

الأوراق صارت مكدّسة

أسمع صرير أسنان

عزف أعضاء بشرية وحيدة

عويل ما قبل الانقراض

وجوقة من السفلة

كانوا العصفور

وظنوا أنه الفجر أيضاً

وكل ما ينقرضون لأجله قفص عصفور.

 

لا سماء جديدة

نفس الإله مرات ممرغة بالأرض

حياتنا معتنى بأصابعها جيداً لتشير إلى الهاوية 

السوريون لم يخبرونا حين مضوا بأي إصبع أشارت لهم 

لكنهم جميعاً وهم في قعر الهاوية قالوا: الوسطى..الوسطى.

___________________


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.