ينامون وتجد القطط ما تأكله بجوارهم
العدد 241 | 03 شباط 2019
الكيلاني عون


يسير ويتناثر بين ناسٍ تتبادل أطرافها

يتخيَّل طريقاً ويسير على ظهر الملح

يصطدم بمشرَّدين تخيَّلوا نفسَ الطريق

وكالآخرين تغادره أطرافه مثل كلماتٍ بين عاصفة بعيدة

تجرّها كلابُ صيدٍ ميِّتة

تسقط يده فيلتقطها رجلٌ آخر

تذهب عيناه لرؤية النمال، عيونٌ كثيرة تبحث عن شيء تراه،

يرتبك ويأخذ عينَ امرأةٍ حزينة نسيتْ كلاماً مفتوحاً فوق المنضدة نسيتْ أيضاً حبلاً معلَّقاً وسط نفسهِ

وعيناً أخرى لعجوز ظهرَ فجأةً كمطحنة أعوام لم تحدث

وكالآخرين يترنَّم بأغنيةٍ فيتلاشى وجهه

ويمدّ يده لوجهٍ لا يعرفه

في كل مرة يستبدل قطعةً من جسده

بجزءٍ غادره أشخاصٌ يسيرون بمحاذاة نهر مرتبك:

كان النهر مجرى صغير وكبر، هو الآخر يعيش بما التقطه بلا تفكير، بما يصادفه خلال سيره.

كان سيختار مذبحةً بمقاس الضجر الذي يلائم الوسائدَ كلها

أو يتعثَّر بخدم اللغة كما تفعل الأصوات

كان سيعثر على يقظته قبل المغيب

أو يكتفي بطعم المصابيح تفوِّض القتلى بحوار المهاجمين

يرتاد هرباً كحانة مريدين نفضوا غبارَ الأيام بأخرى

تطرِّز أثوابَ الممكن، تبلِّل ثأرَ البخور بسجع الحظوظ

لكنه فقط يتخيَّر طريقاً ويسير

يسير ويتناثر بين ناسٍ تتبادل أطرافها 

وعندما يصل سيكون غير الذي كان أول الأمر

سيتذكَّر ماضيه في الآخرين

سيشعر بحجم اللعبة؛

تقضي رزانةُ الخليط أن نضع المكانَ في مكانه

نزولاً إلى مرايا الرماد

 

 

للغبار الأكيد

مجفَّفاً كنهبٍ وسيط

كثديين من عدلِ الطواف

سيحشد آخرَ قهقهةٍ في توبة الدحض الآسن وقدور المغيب

ويرمق أوّلاً ريشَ الملاذ عائداً لطرفةِ حجرٍ

على حجرِ المستحيل

وهو يدفع جيوبَ الهجوم نحو الطعنات الأليفة

للغبار الأكيد

 

 

ينامون وتجد القطط ما تأكله بجوارهم

المشرَّدون تحت العاصفة

يفكِّرون بحليب دافئ وزوجاتٍ من البنِّ

يرتدين الهواءَ الصغير

وأطفال يختبئون طالما تسقط الحجارة

من نظرات الصمت

ويحلمون بأبواب عالية وغرف للصّور التي عبروها أو تركتهم وماتت بلا تاريخ

ترسم أصابعهم زوارقَ داخل عيون كبيرة

أمتعةً مهيّأة للكلام

وينامون دائماً إزاءَ ما يعتريهم

ينامون وتجد القطط ما تأكله بجوارهم

*****

خاص بأوكسجين

 


شاعر وتشكيلي من ليبيا. صدر له: "لهذا النوم بهيئة صيد ""، و""شائعة الفكاهة""."