يأخذون كراسيهم ويهاجرون
العدد 154 | 15 حزيران 2014
غونتر غراس/ترجمة: أسامة منزلجي


كراسٍ قابلة للطي

كم تحزن هذه التغيرات.

الناس يحلّون لوحات الأسماء عن الأبواب،

يأخذون قِدر الكرنب

ويسخنوه من جديد، في مكانٍ آخر.

 

أي نوع من الأثاث هذا 

الذي يعلن عن الرحيل؟

يأخذ الناس كراسيهم القابلة للطي

ويهاجرون.

 

سفنٌ مثقلة بالحنين إلى الوطن والرغبة في التقيؤ

تحمل بِدَعَ المقاعد المرخص لها

وأصحابها غير المرخص لهم

ذهاباً وإياباً.

 

الآن على كلا جانبي المحيط العظيم 

هناك كراسٍ قابلة للطيّ

كم تحزن هذه التغيرات. 

***

 

موسيقا الآلات النحاسية

في تلك الأيام كنا ننام في بوق

فهناك المكان هادئ جداً،

لم يخطر في بالنا أنه سيصدر هديراً

اضطجعنا، لكي نثبت ذلك،

بأفواه فاغرة في حلق البوق

في تلك الأيام، قبل أن نُنْفَخ.

 

أكان طفلاً، يعتمر

خوذة من صحيفة واسعة الاطلاع،

أكان من الفرسان الطائشين

يسير كما يؤمر كالخارج من صورة،

أكان الموت، حتى في تلك الأيام،

هو الذي ننفخ بتلك الطريقة على ختمه المطاطي؟

 

اليوم، لا أدري من أيقظنا،

متخفياً في هيئة أزهار في مزهريات،

أو في طاسات السكّر،

يهدّدنا كل من يشرب القهوة

ويستجوب ضميره:

قطعةً أم قطعتين، أم حتى ثلاثاً.

 

الآن نحن على الطريق مع أمتعتنا

مع أكياس الورق شبه الفارغة في مجملها، وكل وعاء لمزج خمرنا،

ومعاطف منبوذة، وساعات حائط متوقفة،

ومقابر دفع ثمنها آخرون،

ونساء لا وقت لديهن،

نملأهن لفترة وجيزة.

 

في أدراج مملوة بالملابس الداخلية والحب

في مدفأة تقول لا

وتدفئ فقط وجهة نظرها الخاصة،

في هاتف وقفت آذاننا خلفه

وأنصت، وقد استُرضيت،

إلى النغمة الجديدة التي تشير إلى أنه مشغول.

 

في تلك الأيام كنا ننام في بوق

حلمنا إلى الأمام وإلى الخلف،

جادات مزروعة بتناسق

على ظهر ساكن بلا حدود

مضطجعين على ذاك القوس،

ولم يخطر ببالنا قط أنه سيصدر هديراً.

***

 

لا تستدر

لا تدخل الغابة،

في الغابة توجد غابة.

من يلج الغابة،

من يفتش الأشجار،

لاحقاً لن يبحث عنه أحد في الغابة.

 

لا تخف،

الخوف رائحته خوف.

من يشم الخوف

سيشمّه

أبطالٌ يشمون كالأبطال.

 

لا تشرب من البحر

البحر مذاقه مزيداً من البحر.

مَنْ يشرب من البحر

يشعر بعدئذٍ

بظمأ للمحيطات فقط.

 

لا تبنِ بيتاً،

وإلا أصبحت في بيت.

من يكون في بيت

ينتظر مجيء

زوّار في وقتٍ متأخر ويفتح الباب.

 

لا تكتب رسالة،

فسوف يتباهى الأرشيف برسائلك.

من يكتب الرسالة

يعير اسمه

إلى لعبة الورق بعد موته.

***

 

إلى جميع  البستانيين 

لماذا تريدون مني أن أمتنع عن أكل اللحم؟

الآن تأتونني بالأزهار،

وتجمعون النجميّة،

وكأن ىثار الخريف لا تكفيني.

اتركوا القرنفل في الحديقة

ما الغرابة، اللوز مرّ،

مقياس الغاز

الذي تسمونه كعكة – 

إلى أن أطلب الحليب

تقولون: خضراوات –

وتبيعونني الأزهار بالكيلو

تقولون، إنها صحية، تقصدون أزهار التوليب.

هل يجب أن آكل مع بعض الملح

السُّم

المربوط حزماً صغيرة؟

هل يجب أن أموت من زنبق الوادي؟

والزنبق على قبري – 

من يحميني من النباتيين؟

دعوني آكل لحماً.

دعوني، مع العظام.

دعوا العظام تفقد كل احساس بالخجل وتظهر عارية.

فقط بعدما أنهض من أمام الصحن

وأقدّم احترامي للثور بصوت عالٍ،

فقط عندئذٍ افتحوا أبواب حدائقكم لي

لأشتري أزهاراً – 

لأني أحب أن أراها تموت.

______________________________

 الصورة للمصور العراقي فاضل عباس هادي وهي منشورة ضمن كتاب له بعنوان “ولا تنسَ أن السيدة لايكا تنتظرك بالبيت”، والذي يمكن التعرف على مضمونه من خلال قراءة المخرج والسينمائي قيس الزبيدي له في زاوية “كتاب” ضمن مواد هذا العدد.

*****

خاص بأوكسجين