والشعراء يتبعهم العاشقون
العدد 165 | 21 كانون الثاني 2015
سحر أبوليل


عبثاً أحاولُ أن أنساك

أن أدير قلبي كمفتاحٍ في خرمِ البابِ وأرحل

عبثاً أوقفُ السّاعات..

كي أثبتَ لكَ أن العقاربَ طيّبةٌ

وأن الوقتَ عاهرٌ أيضاً.. 

مثل كل الأشياء التي تفسدُ لحظة حب 

***

يومَ ولدتني أمّي

لم أعرف أيّنا هبطَ إلى الأرض

وأيّنا يصعدُ

ولكنّي لم أناقش الله في هذه المسألة بعد

رأيتُ نوراً في آخر النفق فمشيت

وحين أتعبني المسيرُ

خبأتُ قلبي تحت كومةِ غبارٍ

انتعلتُ الريحَ ومضيت

***

المسافة بين “أنا أحبك”

وبين “سأموتُ غداً”

تشبه المسافة بين الأغصان العالية

وشهقة الحجل من العشّ الاحمر

في رقصة الفلامنكو

***

تقشيرُ الظلامِ عن حجرٍ يبكي

مهنةٌ لا تتقنها إلا نملةٌ هادئة

النملُ بنى قصوراً في مخيلتي

لكني مازلتُ كلّما وهبتُ للفجرِ عقلي

حملني غرابٌ وألقاني في مقبرة

***

المقابرُ تشبه الأصدقاء

واحدٌ يهديكَ سلاماً أبدياً

وواحدٌ يهيلُ على صدركَ التّراب

إن صدّقتَ الأولَ مللت

إن صدّقتَ الثاني أبصرت الخيبات عمياء عمياء

وحدها السّكين مبصرة

وتطبعُ “تكشيرةً سوداء” على قلوبنا

عندها فقط نتورطُ بالدّموعِ والذكريات

***

في الخارجِ..

على بُعدِ نافذةٍ مقلوعةٍ مثل عين تائهة

وعين مجروحة مثل وردةٍ منسيةٍ

في زقاقٍ لا يمرُّ منه أحد

سمعتُ شجاراً على كرة كانت خضراء جداً

وتلوثت برائحةِ عرقٍ صفراء

ورأيتهم يسقطونَ وراءها

مثل خريف عجوز ملّ لحيته فراح ينتفها..

إلا أنا..

وضعتُ الغيمَ قطناً في أذني بيتي

ركلتُ التلفازَ ونشرات الأخبار

غسلتُ أكوابي جيداً..

استعداداً لحفلة عشائي الأخير

ورأيتُني أمنحُ جسدي خبزاً للجائعين فأكلوني

ودمي سكبتُه نبيذاً في كؤؤسهم وشربوني

تراها الكرة تعود خضراء؟

وهل يبدأ عهدٌ جديدٌ من الفرح؟

***

الجسدُ فكرةٌ والروحُ جسد

أنتَ إن أخذتني مني أعطيتني عيناً

وأنا إن أبصرتُ الكونَ بعينكَ رأيتُني

***

“تحت كل الكلمات

جسدان يتحدان وينفصلان”

وتحت شجرة منتصف الليل

سأترك لك فردة حذائي

علّنا نعتلي صهوةَ الموتِ حباً في أغنية

***

كافرٌ هو الماء الذي يمرُّ على جسدك ولا ينطقُ

كلّ بحرٍ لا تنيرهُ نواياك الجميلةُ يظلُّ مظلماً

كلّ غزالٍ يخرجُ من أرضٍ غير ضلعكَ يضلُّ طريقهُ

***

في البدءِ كانت الرائحة

من الرائحة ابتدأت القبلةُ

من القبلة جئنا أنا وأنت

***

“الحب الذي يحرك الشمس وسائر النجوم”

يلمع أخضر في عينيك

الرؤيا جنةٌ في عين الرائي

لهبُ الحروفِ أحرُّ من دمِ الولادةِ

والشعراء يتبعهم العاشقون

***

قل لي إذاً

كيف أقنعُ عشيقاتك

بأنك خمرٌ فقيرٌ بنواياه

وأني لا أثملُ بما تضمرُ

وما تظهرُ

وما بينهما؟

***

آهٍ ليتك تأخذني الآن إلى موتي

ألستَ القائل “الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا”؟

__________________________

شاعرة من فلسطين

 

الصورة من مجموعة بعنوان “كهربا مقطوعة” للمصور السوري أحمد بلّة

*****

خاص بأوكسجين


كاتبة من فلسطين