مثقف فيسبوكي أنيق
العدد 153 | 02 حزيران 2014
محمد الشوا


لم أمسك قلماً مذ كان عمري خمسة عشر عاماً، خطي يشبه غائط الفئران  ..

مازلت أجهل أشهر السنة وأخطئ بأسمائها ويقول أحدهم شهر حزيران أقاطعه على الفور “يعني شو بيجي رقمو هاد” ..

مقتنع بأن اليسار هو الشمال فلا تهمني بقية الإتجاهات، لا أعرف الشرق من الغرب من الجنوب، لا يهم طالما أنا يساري الفكر ..

أفتح خاصية الـ GPS وبعد خمس وأربعين دقيقة من الحملقة لا أفتهم آلية تشغيل هذا الخراء ..

في الصف الثاني كانت أول رشفة للعرق، ليغريني في الصف الرابع لون النبيذ ..

على سطح عمارتنا عرّيت أول أنثى حيث كنت في الصف الثالث ..

في حارتي كنا أول من ركب الدش ومن حينها اعتدنا زيارة المخابرات كل خمسة أيام لتذكرنا أسماء المحطات الـ 50 السموحة لنا على قمر عربسات ونايلسات ..

لم أدخل المرحاض في حياتي على عجل .. فهناك أختلس السكينة والسلام مع كوب النسكافه وبعض حبات الزبيب ..

كانت ثلاث أكياس من “ميس بالزعتر” هي رشوة أقدمها لزوجة أخي لتنجز عني واجب الرسم المقرر لي في المدرسة ..

أهدتني شقيقتي في دمشق رواية للدكتور محمد سامر الآغا .. صراحة لم أتجاوز الإهداء، تبلغ سماكة الغبار عليها 12 سم .. أتذرع بالأعذار وأقول لها بأن زحام الحياة منعني والوقت والعمر يضيعان حقاً بين عملٍ مضنٍ وحياة بائسة ..بينما أنا أمضي وقتي بإنتظار حبيبة يتأخر بريدها أياماً وأخشى أن يطول لأشهر وسنوات ..

هي حبيبة قلت لها إني لا أشبه أحداً .. بينما أخفي حقيقتي عنها ..

أنا خراب الدورة الدموية أنا أحد أطياف رياض الصالح الحسين ..

سبعة عشر ضربة تلقيتها بكعب البندقية بين كتفي وشريط بلاستيكي حزَّ معصمي كانا عربون وداع للوطن ..

هنا في شارع الإستقلال قاصداً حانة لأبتاع إصبع سيجار و زجاجة JB مقلّدة تبهج وجعي عند المساء تمر أمامي مظاهرة تفرق جموعها رشاً بالماء وأسمع بائعاً من بلدي على عربة يغني:

رشوا المي على الناس العزل يا حيف .. فأذكر آخر أيامي في الوطن حين كان أبا فهد يلعب معنا بخرطوم المياه ذات اللعبة مع المتظاهرين لنجلس بعدها نقرقع المتة المقدسة..

أمضي إلى مقصدي لا ألوي على شيء سوى صورة سألتقطها تجمعني بكأس ويسكي وكتاب تظهرني مثقفاً فيسبوكياً أنيقاً.

___________________________

كاتب من سورية

الصورة من أعمال المصور السوري أشرف زينة.

زوروا موقعه www.zeinah.net للتعرف أكثر على أعماله الفوتوغرافية المميزة.

*****

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: