لا هدف لي إلا مجاراة نفسي
العدد 162 | 27 تشرين الثاني 2014
قصي اللبدي


العقرب 

——-

كأني سواريز 

أبري لسان الحديد، من الجانبين

وأركضُ..

لا هدفٌ ليَ إلا مجاراةُ نفسيَ.

أركضُ 

مبتعدا، 

تاركا قطراتي المميتةَ، تلمعُ تحت النهارِ

على أذرع اللاعبين.

***

 

خوف

——–

مثلما يجفل الطير،

أجفل..

أنت معي الآن، لكنني

خائف منك

مما يفيض على جانبيك من المفردات.

،

كل مفردة هي موت بطيء

سأحياه.

أعرف هذا المزاج الكئيب:

يمر السحاب بطيئا، على وجه يومي،

ويتركني غائما

ساهما في مطاردة الذكريات

،

وفيما تسيرين وحدك،

سوف أفكر فيك.. كأني أحاسب نفسي

على خطأٍ.

،

هكذا أنا،

أجفل مما أرى،

وأخاف من النظرات القوية،

من ضحك يفتح الباب، مستعجلا،

ويضيء الممرّ.

،

أخاف 

إذا لم يكن جسدي وارف الظلّ، 

حين تسيرين فيه،

.. وأجفل 

حين تقولين لي:

قد أحب سقوط النهار 

على وردة،

في حديقة جسمي المغطاة بالظل.

،

لا أدرك السرّ،

لكنني أتراجع بضع خطى،

خائفا،

وأحلق مبتعدا عنك.

أجفل منك.

***

 

الأكاذيب 

——

لا أصدق نفسي

ولا كلماتي

ولو لاك ظلّ على هيئة الكلب

وجهي

وعضّ مؤخرتي.

” لستَ أكثر من حادثٍ عابرٍ،

في مخيلتي”

سأقولُ له ساخراً.

،

 

لا أصدق شيئا

ولا أحدا

لا مكان، ولا شيء آخر.

،

طوبى لما يتوارى، إذن، 

ويصير بخارا.

،

أسير الى البحر،

تغمرني موجة من حنين،

فأبحث عن جسد يتمدد مستلقيا 

في مراهقتي:

“لا يزال كما هو”.

يا للعبارة.. 

سوف تظل الورود، إذن، حية، 

في حدائقها

والطيور محلقة في الأعالي 

الى أبد الآبدين!

،

وأسأل سائحة عن إجازتها الذهبية:

–  “أهوى مطاردة الشمس..

لا يتوقعها المرء في بلدي كل يوم.

وأما مساء،

فأترك نفسيَ للنوم.”

تضحك.

 – “نومي ثقيل،

لأن “الرفاق” يزورونني فيه”.

،

أصغي الى شاعر يصف الحرب:

– ” ذاكرتي لا تزال حديدا”

يقول، 

فأسخر من دقة الوصف.

،

يهمس لي رجل في الثمانين:

لو كنت أعرف أين هو الله، كنت شكرت صنائعه 

كلها،

واحتفظت لنفسي بآرائها:

لم يهبني حياة مثالية، وأنا لم أكن ذلك العبد..

،

بيتي الذي أنا فيه، بعيدٌ

ولا أحد فيه.

ما اسم النهار الذي يتمشى حواليهِ؟

ما اسم النهار الذي نام ليلته 

فيهِ؟

ما اسم النهار الذي زاره 

قبل عام

وما زلت أسمع أنفاسه  

وأرى أثرا من خطاه على كل شيء؟ 

،

يوشوشني صاحبي:

– لا تكن عدميا. ولا تعط نفسك، كاملة، 

للوساوس.

يهبط رف حمام قريبا،

ويكملُ:

صدقْ – إذا لم تجد ما تصدقُ- نفسك.

أرغم طيرا على الطيران،

وأسخر مما أراه:

ظلال سكينته، الآن، خاوية منه..

***

 

H S B C

——–

مبنى، 

كأنّ عليه ترسَ السلحفاة.

يدور في رأسي:

لماذا أختفي فيه، كأني غير موجود؟

 

أرى الأرض الصقيلة مثل واجهة الزجاج،

تضجّ بالأرواح.

،

في الطابور، سرب معذبينَ

أشمّ أنفاس العبيد، 

وأسمع الصرخات في أعماقهم  

،

في جانب منهُ، المديرةُ تصرخُ:

انتظموا،

فينتظم الصراطْ

، 

موتى، كأنهمُ. 

.. على أجسادهمْ أثر السياط.

_______________________

شاعر وصحفي من فلسطين مقيم في الإمارات العربية المتحدة

 

الصورة من أعمال الفنانة والممثلة السورية نجلاء الوزة التي انتحرت في جنوب إفريقيا.

*****

خاص بأوكسجين

 


شاعر وصحافي من الأردن. من مؤلفاته: "ليكن لي اسمك"" 2011 و""فرد في العائلة"" .2014"