كتاب بديل
العدد 265 | 30 حزيران 2021
كيت كلانشي | ترجمة: همدان دماج


أنا وراشانا في غرفتها، نكتب واجب اللغة الإنجليزية بعنوان “المنظر من نافذتي”؛ لكن المنظر من نافذة غرفتها لم يكن يعني الكثير: سقفُ صالة المطبخ في الأسفل المطلي بورق القطران، ثم الحديقة الخلفية، ثم القمامة، ثم سكة حديد القطارات تتلألأ.. وكل هذا لا يتعدى الأربعين كلمة، حتى مع كلمة “تتلألأ” في آخر الجملة. نحن الآن بانتظار القطار ليمر من أمامنا، لكي نكتب عن ذلك أيضاً. عندما تقول راشانا:

لنكتب كتاباً بدلاً من ذلك!

أقول لها:

حسناً.
ستكونين أنتِ مؤلفة الكتاب، فأنتِ بارعة بالإنجليزية. يمكنك استخدام قلمي ذي الزغب الوردي. هذا الكتاب سيكون ربما من أكثر الكتب مبيعاً، وربما سيتحول إلى فيلم سينمائي.

أتناول القلم، وآخذ ورقة فارغة، وأسألها:

حسناً، ما هو موضوع الكتاب؟
عن بعض الأصدقاء، عن فتيات بعمرنا.. كما هو الحال في كتاب جيد.. كما هو الحال في الكتب التي تتحدث عن ماري كيت وآشلي(**).. عن فتيات مثلي ومثلك.

راشانا بعمري، ولها جسدي نفسه، وهي ابنة عمي أيضاً. نحن فتاتان هنديتان سمينتان، نلبس قمصان فريق “وست هام”، ولسنا مشهورتين، ولن تجدنا في أي كتاب.

تذهبُ الفتيات في نزهة.

تقول راشانا، ثم تضيف:

في مخيمٍ صيفي.. ولديهن زورق..
ويقع لهن حادث!
نعم، وربما تموت إحداهن.. ليست الفتاة الرئيسية بالتأكيد، بل ربما صديقتها.

أسألها:

وما اسم الفتاة؟
باتريشيا.. أو تركسي اختصاراً.

أفكر بالاسم وأجده غبياً؛ لكنني لا أفصح عن رأيي بعد. أسأل:

هل هناك أولاد في القصة؟
نعم، هناك صبي، واسمه رافي.. وهو الذي يقود قارب الإنقاذ!
اسمعي!

أقول لراشانا، وأبدأ بالكتابة:

شَعْر رافي الغزير ينسابُ على الياقة البيضاء لقميصه الـ”بولو”…

الآن يتقافز القلم بزغبه الوردي عبر الصفحة مثل الأرانب، وفي الخارج يزمجرُ قطارٌ يمر. أستمرُ في الكتابة:

شَعْر رافي يسقطُ على وجهه، فيدفعه إلى الأعلى مرة أخرى بيدٍ نحيلة سمراء..

تضيفُ راشانا:

ويبتسم، ليظُهر أسنانه الرائعة.

فأكتب هذا، ثم أسألها:

هل يمكن أن نقول شيئاً عن شعر صدره؟.. أعني حيث قميصه ينزل إلى الأسفل.. كما تعرفين.. في فتحة العنق التي على شكل حرف V، في الجزء السفلي.. أحياناً يمكنكِ رؤية شعر صدر الفتيان..!

لكن راشانا تقول إن هذا أمرٌ غير لائق. أوافق:

حسناً..

وأكتبُ عن شَعْره.. أكتبُ أنه أسودٌ فاحم بوميضٍ ياقوتي.

لا!

تعترض راشانا، وتضيف:

رافي أشقر.
كيف يمكن أن يكون أشقراً إذا كان هندياً؟!
إنه أميركي..
بعض الأميركيين هنود.. الكثيرُ منهم كذلك..

أشرح لراشانا، وأضيف:

العم سليم، وكل أبناء العمومة، جميعهم أمريكيون هنود..
نعم.. هذا يبدو مضحكاً.. لكن في القصص البطل الرئيس يكون إنجليزياً.. أمريكياً انجليزياً.. على أية حال لنكتب الآن عن القارب.
لماذا؟!

أتساءل، وأستمرُ في طرح الأسئلة:

لماذا نكتب عن مخيمٍ صيفي؟! ولماذا في أمريكا؟!
لأن القصص في أمريكا..

لكن أنا التي معها القلم، وها أنا أكتبُ متجاهلةً راشانا:

رافي أزاحَ شَعْره الأسود اللامع من على جبهته السمراء، وابتسم.

أستمرُ في الكتابة:

سمير رأى فتاة جميلة. كان شعرها الأسود اللامع يتماوج على كتفها بوميضٍ بلون الياقوت.. كان لها قوامٌ رائع وفَتَّان تحت قميص فريق “ويست هام” الذي كانت ترتديه. كانت في الثالثة عشرة من العمر، وكان اسمها راما.
كلا!.. كل هذا غلط.. لا يمكنكِ أن تضعي نفسكِ في الكتاب..

تعترضُ راشانا، فأقول لها:

لكن أنظري.. ها أنا قد فعلت للتو..

______________________________________

**  التوأم ماري كيت أولسن وآشلي أولسن ممثلتان أمريكيتان من مواليد 1986، اشتهرتا في المسلسل التلفزيوني الكوميدي “فول هاوس”.

*****

خاص بأوكسجين


شاعرة وروائية اسكتلندية، تقيم حالياً في لندن. لها عدد من الدواوين الشعرية والمجاميع القصصية. حاصلة على عدد من الجوائز الأدبية. هذه القصة هي إحدى قصص المجموعة القصصية "الذي لم يمت والمحفوظ"" الحائزة على جائزة BBC الوطنية للقصة القصيرة عام 2009."