قصائد مختارة
العدد 184 | 16 كانون الأول 2015
برتولت بريشت


شاهدة على قبر M.

من أسماك القرش

نجوت

والنمر اصطدته 

لكن الحشرات افترستني

***

 

أغنية صغيرة

      ( 1 )

كان ثمةَ رجل

بدأ يشرب 

منذ سن الثامنة عشرة،

فهَلَكَ في سن الثمانين.

واضح كعينِ الشمس، لماذا.

       ( 2 )

كانَ ثمة طفل 

هَلَكَ بسرعة 

ولم يتجاوز عمره السنة.

معلومٌ أنه لم يكن يشرب الكحول.

ومات عن عام.

     ( 3 )

وهكذا ترونَ

كيف أن الكحول غير ضارة…

 

رجاءُ الأطفال..

 ألا تشب في البيوت النيران

ألاّ  تُعرف قاذفات القنابل.

ألا يُكرَّسَ الليلُ إلا للنوم.

ألاَّ تكونَ الحياة عقوبةً.

ألاّ تنتحبَ الأمهات.

ألاّ يقتلَ أحدٌ أحداً.

ألا يشارك الكلُّ إلا في البناء.

وأن يثق الجميع بالجميع

وأن تنال الشبيبة مُناها.

وأيضا الشيوخ.

***

 

أريدُ أنْ أَبقى مع مَنْ أُحب

أريد أن اذهب مع حبيبي

ولا أفكر بالتبعات  

ولا أفكر، إنْ كانَ ذلكَ جيداً.

ولا ُأريدُ أن أعرفَ، إنْ كانَ يُحبّني.

أريد أن أذهب مع حبيبي، وحسب.

***

 

أغنية حب (1)

عندما تُسعدينني:

أفكر حينها 

الآن يمكنني أن أموت.

حينها أبقى سعيدا

حتى آخر العمر

وحينما تُخلِّفينَ الشبابَ وراءكِ

وتظلّينَ تُفكّرينَ بي

سأظل أبدو كما اليوم

حينها سيكون إلى جنبكِ حبيبٌ

 ما زال في عنفوان الشباب.

***

 

أغنية حب (2)

سبعُ ورداتٍ للغصن،

ستٌ للريح 

وواحدة تظلُّ، حتى

أعثر عليها.

سبعُ مرّاتٍ أناديك 

ستٌّ مرات ابقي بعيدة 

لكن في المرة السابعة، عِدْي

أن تلبي النداء.

 ***

 

أغنية حب مُرَّة

يمكن للأمور الآن أن تكون كيفما تشاء،

مرّةً أحببتها كثيراً

لذلك أعرفُ : لابدَّ 

أنها كانت جميلة جداً ذات مرّة.

لكنني ما عدتُ أذكرُ كيف كانت تبدو:

يومٌ واحد لحاله، أطفَأَ سبعَةَ أقمار منيرة.

***

 

رحيل لينين

عندما رحل لينين، 

كأن الشجرة قالت للأغصان:

أنا راحلة.

***

 

حَرقُ الكُتُبْ 

عندما أمرَ النظام بحرق الكُتب، ضارّة المحتوى، علناً

وأمرَ كل الثيرانِ بجرِّ عربات محملة بالكتب

إلى المحرقة، اكتشف شاعرٌ مُطاردٌ،

كان واحداً من بين الممتازين،

أن اسمه لم يكن في قائمة مَنْ ستُحرق كتبهم،

فَزِعَ عندما تأكَّدَ أنهم نسوا اسمه.

جلسَ إلى طاولته عامراً بالغضب، وكتبَ رسالة سريعة إلى الحكَام.

أحرِقوني ! أحرِقوني ! 

لا تُهينوني ! لا تُبقوا عليَّ !

ألَمْ أقُلْ الحقيقةَ دوماً؟ أَلَمْ أُدونها في كُتُبي؟!

وها أنتم تُعاملونني كما لو كنتُ كذّاباً !

إنني آمركم : 

أحرِقوني !

***

 

أسئلةُ عاملٍ قارىء

مَنْ بَنى طيبة ببواباتها السبع؟

تُنبئنا الكُتُبُ أنَّ الملوكَ بنوها.

هل حملَ الملوكُ الحجارةَ وسحبوا الكُتَلَ الصخرية إليها؟

ومَنْ بنى بابلَ، التي خُرِّبت غير مرّة؟

وفي أَيِّ البيوتِ سكنَ بنّاء و ليما المُشِعّة بالذهب؟

وكيف قضّى الناسُ المساءَ بعدَ الانتهاء من بناء سور الصين؟

البنّاؤون؟ روما العظيمة المًلأى بأقواس النصر. مَنْ بَناها؟

وعلى مَنْ انتصر القياصرةُ؟ بيزنطة، التي يتغنّونَ بها، هلْ حقاً ما

وفَّرَتْ إلاّ القصور لسكانها؟ حتى أطلانطس الأسطورية

في ذلك المساء، عندما ابتلعّها البحرُ، كانت تستصرخُ عبيدها للنجدة.

يُقالُ أَنَّ اسكندر الشاب احتل الهند.

هل كانَ لوحده؟

قيصر هَزَمَ الغاليين.

أَلَمْ يكن معه طبّاخٌ على أقلِّ تقدير؟

فيليب أسبانيا بكى لَمّا غرقَ أسطوله.

أَلَمْ يكنْ أحدٌ سواه قد بكى؟

فريدريش الثاني انتصر في حربِ السنوات السبع.

مَنْ انتصر معه؟

في كل نصرٍ تٌقام الولائم.

مَنْ يطبخُ ويحضِّرُ وليمةَ النصر؟

ثمّةَ كثرةٌ من تقارير 

وكثرةٌ من أسئلة.

***

 

مصاعب الحكم

لَمْ يفتأ الوزراءُ يؤكدون للشعب دوماً، 

كم هو صعبٌ أن تُمارس الحُكم. 

فبدونهم كانت حبّاتُ القمح ستغوص في الأرض،

بدلاً من أنْ تنمو نحو الأعلى.

وما كان بالإمكان استخراج الفحم من المنجم،

لولا حكمة المستشار.

وبدون وزير الدعاية، ما كانَ بمقدور النساء أنْ تحمل.

وبدون وزير الحرب، ما كانَ لحربٍ أنْ تندلعْ.

وهل كانَ بمقدورِ الشمسِ أَنْ تُشرِقَ باكراً 

دونَ موافقةٍ من الفوهرر. وهو أمرٌ مشكوكُ به.

فحتى لو افترضنا أنه حدثَ، سيكون حتماً في المكان الخطأ .

فلو كانت ممارسةُ الحكم قضيةً سهلة،

لما احتجنا إلى عقولٍ الفوهرر المستنيرة.

ولو عَرِفَ العاملُ كيفَ يُشغِّلُ الماكنة،

والفلاّحُ كيف يزرعُ الحقلَ،

لَما احتجنا إلى صناعيٍّ مالكٍ للمصنع

أو إلى ملاّكٍ للأرض.

وبما أن الكلَّ أغبياء، نحتاجُ إلى قِلَّةٍ من الأذكياء.

فإذا كانت ممارسة الحكم على هذه الدرجة 

من الصعوبة والمَشقَّة،

فهلْ يتعيَّنُ على المرءِ أنْ يتعلَّمَ الاستغلالَ والخديعة؟

***

 

عندما انتهت الحربُ الأخيرة

عندما انتهت الحربُ الأخيرة، كانَ ثمَّةَ

منتصرونَ ومهزومون.

في جانب المهزومين جاعَ الشعبُ القَنوط.

وفي جانب المنتصرين جاعَ الشعبُ القنوطُ أيضاً.

_____________________________________

يحيى علوان: كاتب ومترجم عراقي مقيم في برلين. درس الأدب الانكليزي في “جامعة بغداد”. عمل في الصحافة والترجمة منذ عام 1968، من مؤلفاته: “الجثة لا تسبح عكس التيار”، و”تقاسيم على وطن منفرد”. من ترجماته: ” “أيها القناع الصغير أعرفك جيداً” نصوص أدبية لأوغستو مونتيروسو، و”المشط العاج” (رواية فيتنامية)، و”حوارات المنفيين”. 

*****

خاص بأوكسجين