في نهاية العصر الميكانيكي
العدد 252 | 07 آذار 2020
دونالد بارثيلمي


ذهبت إلى البقالة لشراء بعض الصابون. وقفت لوقت طويل أمام قطع الصّابون التي غلّفت بصناديق جذّابة، RUB وFAB وTUB وما شابه ذلك، لكنّني لم أتمكّن من الاختيار، لذلك أغمضت عيني لأختار على العمياني، وعندما فتحت عيني وجدتٌّ يدها في يدي.

قالت إن اسمها السيّدة دايفيز، وأن TUB هو الأفضل برأيها للغسلات المهمّة. فذهبنا لتناول الغداء في مطعم مكسيكي صدف أنّها كانت تملكه، فاصطحبني إلى المطبخ لتريني أكوام التورتيّا البيج الجميلة وطاولات البخار التي كانت تلمع مثل البلّور. أخبرتها أنّني لا أعرف أن أتعامل مع النّساء بشكل جيّد وقالت لا يهم، يعرف عدد قليل فقط منهم ذلك، وبأنّه لا يهم بعد أن رحل جايك، لكنّني سأفعل ذلك كمشروع مؤقّت وأجلس هنا معك لأفعل ما يحلو لي بكرتي الأبيض. لذلك جلست وشربت كارتا بلانكا باردة، كان الله واقفاً في التسوية يقرأ العدّادات ليعرف مقدار النعمة التي استهلكت في شهر حزيران. وجد العلم أن الكهرباء نعمة، وأنّها ليست كالكهرباء، بل هي الكهرباء والله في التسوية يقرأ العدّادات في بدلة زرقاء من قطعة واحدة مع مصباح يدوي معلّق في جيبه الخلفي.

قلت لها: “يشارف العصر الميكانيكي على الانتهاء”.

أجابت: “أو أنّه انتهى سلفاً”.

قلت: “كان عصراً جيّداً، كنت مرتاحاً فيه نسبيّاً. لن أستمتع بالعصر القادم كثيراً على الأرجح. لا أحب شكله”.

“علينا أن نكون عادلين. نحن لا نعرف حتّى الآن أي نوعٍ من العصور سيكون عليه. على الرغم من أنّني أشعر أنّه سيكون عصراً معادياً للرفاه والراحة الشخصيّة، وهذا ما أحب: الرفاه والراحة الشخصيّة”.

سألتها: “هل تعتقدين بوجوب القيام بشيء؟”.

قالت السيّدة دايفيز: “أن نتلاقى ونتشبّث، يمكننا أن ونتشبّث. سيختفي بالطبع، كل شيء سيختفي في الوقت المناسب”.

ثم عدنا إلى المنزل لنتلاقى ونتشبّث، تمتلك معظم النساء لونين مختلفين عندما يخلعن ملابسهن، خاصة في الصيف، إلّا أن السيّدة دايفيز تمتلك لوناً واحداً، لون المغرة. بدت وكأنّها تهوى الملاقاة والتشبّث، وبقيت لعدّة أيّام. كانت تطلّ على المطعم من وقت لآخر لتحافظ على لمعان الأغراض وتوزّع مبالغ من المال على الموظّفين، وتعود محمّلة بالتورتيّا في أكياس، وعلب كارتا بلانكا، ودلاء من الغواكامول، لكنّني دفعت مقابل كل شيء لأنّني لم أرغب في أن تشعر بأنّها مضطّرة.

ثمّة أغنية غنّيتها لها، أغنية عن الآمال العظيمة.

غنّيت: “رالف عائد. يذرع رالف الأقمار والجبال ببدلة من الأنوار، فوق مواقف السيّارات والنوافير، نحو طرفك الغض. رالف عائد، ولديه معطف بألوان كثيرة وكل بطاقات الائتمان المهمّة، ويذرع المسافات ليجتمع بكِ ويتوّج أحلامك الضبابيّة بانفجار الدم والتراب في نهاية العصر الميكانيكي. رالف عائد متقدّماً خمسين رجلاً يركضون برماحهم، وخمسين سيّدة راقصة يلقين أوراق السبانخ من السلال الصغيرة في طريقه”. غنّيت: “رالف شخص مثالي، لكنّه أيضاً مليء بالعيوب المأساوية المثيرة، ويمكنه أن يشرب خمسين رجلاً يركضون تحت الطاولة من دون أن يخرق خطواته، ويمكنه أن يجامع خمسين سيّدة راقصة من دون أن يخرق خطواته، حتّى جواربه مكويّة، رالف الأنيق، لكنّه أيضاً مقعيٌّ في الوحل كبقيتنا، ويسوّق الوحل بأسعار مرتفعة لاستعمال الصناعات المتخصّصة، ويذرع، يذرع، يذرع المسافات باتجاه قلبك المترقّب. قد لا يعجبك بالطبع، فبعض الناس يصعب إرضاءهم بسهولة”. غنّيت لها: “رالف عائد، يذرع المسافات فوق السهول المبرقشة والأنهار المتهوّرة، وسيغيّر حياتك إلى الأفضل، وسيغمى عليكِ من السّعادة بلمسة واحدة من يده الشهباء القاسية الرقيقة رغم ادراكي أن بعض الناس لا يتحمّلون الرّخاء، لكن رالف عائد، وأسمع حوافره على طبول التاريخ، يذرع المسافات كما كان يفعل طيلة حياته نحوك أنتِ أنتِ”.

قالت السيدة دايفيز بعد أن انتهيت من الغناء: “نعم. هذا ما أستحقّه، حسناً. لكنّني لن أحصل عليه على الأرجح. وفي الوقت الراهن، أنت موجود”.

ثم أمر الله المطر بالهطول لأربعين يوماً وأربعين ليلةً، وعندما هدمت المياه الجزء الأمامي من المنزل، استقلينا قارباً. أعجبت السيّدة دايفيز بالطريقة التي كنت أناور القارب فيها بعيداً عن المقطورة إلى خارج الكراج، ذكّرها ذلك بجاك.

قالت: “كان جاك رجلاً صالحاً. كان بسيطاً وساعدته ليكون ذلك الرجل الذي كان عليه”. كان تحدّق بكأس الويسكي المخلوط بمياه الفيضان بحزن كما بدا لي، بينما كان الحطام يرتطم بالأمواج من حولنا من دون أن تعيره انتباهاً. قالت: “هذا هو نوع الرجال الذي يستهويني: رجل قوي وبسيط. لم يكن جاك نوعاً من الأشخاص الذين يتفكّرون كثيراً، يضع يديه في الأمر ولا يفشل في حلّه مهما كان الأمر. كان يحب الحياة، والحياة كانت تحبّه. لم يعزّني شيء عندما مات”. كانت السيّدة دايفيز تشرب الويسكي لتهدئة أعصابها، لم يكن لديها أعصاب بالطبع، كانت بلا أعصاب وبلا قلب أيضاً على الأرجح لكن هذا أمر آخر، لم تكن جبانة، بل شجاعة وتمتلك لون مغرة واحد لكن ذلك أمر آخر. كان الله غارقاً حتّى رقبته في المياه الهائجة بابتسامة مذهلة الجمال ارتسمت على محيّاه، وبدا أنّه يستمتع بالكارثة خليقته، وكانت المياه تحتدم من حولنا الآن بصوتٍ عالٍ، مستعرةً كأنّها جرّار مقطور يتتبّعك على الطريق السريع.

ثم غنّت لي السيّدة دايفيز أغنية عن الآمال العظيمة.

غنّت لي السيّدة دايفيز: “مود في انتظارك مكلّلة بجدّيتها وروعتها، تحت قبّة مذهّبة بصليّة الشكل، وفي مدينة لا يمكنّني أن أسمّيها في هذا الوقت، تنتظرك مود. مود هي ما تفتقر إليه، أعمق ما تفتقر إليه. كل توقٍ تقته منذ أول توق كان توقاً لمود، لكنّك لم تعرف ذلك حتى أشرت إليه، أنا صديقتك العزيزة. ستداوي حياتك العفنة وغير المرضية عموماً ببلسم شخصيّتها، يا أكثر الكلاب حظّاً، فهي في انتظارك أنتَ فقط. دعني أضرب لك مثالاً على دهاء مود اللاإنساني. أسمت مود الأدوات. كانت مود من التي فكّرت بتسمية الإزميل إزميلاً. مود هي من عمّدت الكمّاشة الرفيعة. أسمت مود المبرد. فكّر في ذلك. ما الذي يمكن أن يكون مبرداً غير المبرد؟ أدركت مود ذلك بحكمتها ولم تنتظر أحد وأسمته مبرداً. كانت مود من سمّاها مطرقة خشبيّة. وبالمثل كانت المهدّة، والخابور، والمطرقة الكرويّة، والقدّوم، والإسفين، وحجر الشحذ، والمشحذ الجلدي. سمّت مود المنشار اليدوي، ومنشار الحديد، والمنشار بيدين، ومنشار الزخرفة، وهي تنظر إلى كل منشار وتحدس بخصوصيّاته فوراً. الخرّامة، والمجرفة، ونقّار التعليم، والخوّاشة- يمكنني أن أستمر إلى ما لا نهاية. جاءت الأدوات إلى مود، أداةً أداة، واصطفّت في طابور طويل احتراماً، ثم أعطتهم أسماءها. الملزمة. المثقاب. إزميل الثلج. المخرطة، والمخدّدة، والمقلعة. الشّاقول. كيف أمكنها أن تفكّر في عدالة هذه الكنى القاسية؟ كيف يمكنها أن تنظر بإمعان إلى زوج من القطّاعات وثم تقرّر أن تسمّيها قطّاعات؟ يا له من مجد. ولم أذكر حتّى فأس تقطيع الشجيرات، ومنجل العشب، أو ثعبان السبّاك، أو مشبك C، أو الكمّاشة، أو المنجل. تسمية الأدوات هذه إنجاز هائل. وهذه مجرّد واحدة من إسهامات مود لمنطقتنا الدنيويّة، فهناك إسهامات أخرى. وهاي طريقك مزدحمة بالبهجات”. غنّت السيّدة دايفيز لي: “بهجة بعد بهجة، عندما يتم الانتهاء من أغاني الزّفاف التي يعزفها مجاريش الأورغن الذين يتبعون مود دوماً، في عظمة ذلك اليوم الذي ستختاره، والذي كنت ترغب به بشدّة طيلة حياتك الهزيلة، لكنّك لم تعرف ذلك حتى أشرت إليه، أنا صديقتك العزيزة. ومود يافعة، لكنّها ليست صغيرة”. غنّت السيّدة دايفيز لي: “لكنّها ليست كبيرةً أيضاً، بل بعمر مناسب وتنتظرك بأطرافها الرقيقة وإحساسها الحصيف، وعندما تحصل على قبول مود، سيبدأ مستقبلك وماضيك”.

توقّفت، أو شحبت فجأةً.

سألتها: “هل ما تقوله الأغنية صحيح؟”.

قالت السيّدة دايفيز: “الأغنية مجاز. حقيقة مجازيّة”.

سألت: “وفي نهاية العصر الميكانيكي، هل هذا مجاز؟”.

قالت السيّدة دايفيز: “نهاية العصر الميكانيكي هي في رأيي حقيقة تجتهد لتكون مجازاً. على المرء أن يتمنّى لهذه الحقيقة حظّاً سعيداً على ما أفترض. على المرء أن يشجّعها. إذ تتطلّب الصرامة الفكريّة أن نمنح كل هذه المجازات اللعينة فرصها، حتّى لو كانت معادية للرفاه والراحة الشخصيّة. من واجبنا أن نفهم كل شيء، سواءً أحببنا ذلك أم لا- واجب سأحثّ عليه لو استطعت”. وفي تلك اللحظة، غمرت المياه قاربنا وأغرقتنا.

 

**

 

وفي حفل الزفاف، حدّثتني السيّدة دايفيز بلطف.

قالت: “توم، أنت لست رالف، لكنّك كل ما تبقّى في هذه اللحظة. مشّطت كل آفاقك بنظرة واحدة من عيني الخبيرة، لكنّني لم أجد شخصيّة عظيمة هناك، وهذا هو السبب وراء قراري بالزواج بك بشكل مؤقّت، خاصّة مع رحيل جاك وانتهاء العمر. سيكون زواجاً ميسّراً، وعندما يأتي رالف أو توافق مود، ستدمّر ترتيباتنا ذاتها تلقائيّاً، مثل الفقاعة الملوّنة التي هي عليها فعلاً. كنت شخصاً طيّباً جدّاً ومراعياً عندما كنّا نجفّف أنفسنا من المياه في تلك الشجرة، وأنا أقدّر ذلك. لكن بالطبع، لا تعد الأغاني العظيمة، مثل وعود أغاني رالف ومود، باللطف والمراعاة. بل هي مجرّد بدائل قشريّة للتجربة النهائيّة. أنا أدرك ذلك وأريدك أن تدرك ذلك. أريد أن أفعل ما هو صحيح تجاهك. هذه واحدة من أكثر صفاتي إثارة للإعجاب، أنا أفعل ما هو صحيح تجاه الناس، منذ البدايات العذبة وحتّى النهايات المريرة. والآن سأعود إلى المنزل، حيث ستعاود خادماتي العمل على كسوة العروس”.

كان الجوّ منعشاً في المروج قرب النّهر، والتي اختارتها السيّدة دايفيز لإقامة هذه المهزلة. ومشيت إلى الشجرة حيث كان صديقي بلاكي يقف، والذي كان وصيف العريس، بمعنى ما.

قال بلاكي: “كل هذه المظاهر المجوّفة والفضول الفارغ تثير اشمئزازي. هذا وقد اضطررت للقدوم من شيكاغو”.

أتى الله إلى العرس ووقف وراء شجرة ليظهر جزء من بريقه فقط، وتساءلت عمّا إذا كان يخطّط ليبارك هذا البناء المؤقّت بنعمه أم لا. من الصّعب أن نتخيّل ما كان يفكّر به في البداية عندما خطّط لكل شيء، خطّط لكل شيء بشكل مذهل وحتّى أدقّ التفاصيل مثل ما كنت أفكّر به في هذه اللحظة بالذّات: ما أفكّر به عمّا يفكّر به، وهو يخطّط لنهاية العصر الميكانيكي ويفصّل العصر الجديد الذي سيليه، ثم ظهرت العروس من المنزل بقطارها، كانوا جميعاً بلون المغرة، كانوا جميعاً جميلين جدّاً.

قال القس: “وهل تعدين، يا آن، بأن تفعلي ما بوسعك وبما يرضي الطرفين للتخفيف من التوتّرات والتوصّل إلى أيّ أهداف متّفق عليها مسبقاً بين الطرفين في جلسات التخطيط؟”.

قالت السيّدة دايفيز: “نعم أفعل”.

“وهل تعد، يا توماس، بأن تستكشف جميع الخلافات بشكل دقيق، بصبر وأمانة روحيّة مع تجاهل أيّ طرق مثمرة للنقاش والسعي للتقارب مع تجنّب الأفضليّة في حالات الصراع؟”

قلت: “نعم”.

قالت السيّدة دايفيز: “طيّب نحن الآن متزوّجان. أعتقد أنّني سأحتفظ باسمي الحالي إن كنت لا تمانع. لقد كنتُ دوماً السيّدة دايفيز، واسمك تعوزه الفضيلة، لا أقصد سوءاً يا عزيزي”.

قالت: “أوكي”.

ثم تلقّينا تهاني الضيوف وتمنياتهم الطيّبة، والذين كان معظمهم موظّفي المطعم المكسيكي. وكان راؤول هناك، وكونسويلو، وبيدرو، وبيبيه يتجوّلون بأيدٍ ممدودة، وكان بلاكي يتجوّل بأيدٍ ممدودة، وكان الله يقف وراء طاولات الطّعام باحثاً عن إنتشيلادا وتشالوباس وتشيلي كون كيسو ويخنة الدّجاج كما لو أنّه لم ير مثل هذه الأشياء من قبل، ولكن كان من الصعب تصديق ذلك.

بدأت أتحدّث إليه كما تخاطبه جميع الأديان العظيمة في العالم، لكن مع بعض الاستثناءات، خاطبته من القلب وبدأت أقول: “يا رب، يا والد الفقراء الصغير، وكل ذلك، كنت فقط أتساءل، بما أن العصر الميكانيكي ينتهي، ويبدأ عصر جديد، كما يقولون، كنت فقط أتساءل إذا كنت تستطيع أن تعطيني تلميحاً من نوع ما، وليس إشارة، أنا لا أطلب إشارة منك، لكن مجرّد تلميح إلى ما كان قد قيل لنا حول طبيعتك وطبيعتنا. اغفر لي، أعلم كيف تشعر حيال الشكّ أو بالأحرى ما قيل لنا بأنك تشعره، لكن إذا كان بإمكانك أن تعطيني أدنى المؤشّرات حول إذا كان ما قيل لنا أمور صحيحة أم أنّها محض هرطقة-“

لكنّه سار مبتعداً بابتسامة جميلة بابتسامة مذهلة الجمال ارتسمت على طلّته البهيّة وذهب لقراءة العدّادات وربط خط لإيصال النعمات في تلك المنطقة كما ظننت، لكنني لم أستطع لومه، فلم يكن سؤالي مطروحاً بكياسة، فلو كنت قادراً على التعبير عنه رياضيّاً لربّما منحني اهتماماً أكثر ، لكنّني لم أتمكّن أبداً من التعبير عن أي شيء رياضيّاً.

بعد الزواج، أوضحت السيّدة دايفيز الزواج لي.

قالت: الزواج مؤسّسة غارقة إلى صميمها في العصر الميكانيكي.

كانت عمليّة اقتران الابتسامات التي أقرّها القانون مجرّد تعديلات على قوانين الميكانيكا، والمستوحاة من اتّحاد طبيعة التقنيّات، مثل الصمولة مع الدرباس، مثل الخشب مع برغي الخشب، مثل الطائرة مع محاكاة الطائرة.

ثبات أو لا ثبات رابط هو وظيفة 1. المواد و2. التقنية.

وقالت: انخفاض الأميّة عامل أيضاً.

انخفاض الأمية أيضاً.

لن يتم تثبيت المركز إذا تم لحمه من قبل أحد المشغّلين الذي لا يشغل باله اللحام بقدر ما تشغلة ورقة اليانصيب.

يهتم الله فقط بالنعمة- أن يبقى كل شيء يسبّح له.

أمّا انقطاع الكهرباء، والتشويش، وخفوت إنارة المنزل المؤقّت فليست غضباً إلهيّاً بل لامبالاة إلهيّة لبرامج التطوير التنفيذي على مستويات الإدارة الوسطى.

قالت إنّه يحب أن ينهمك بالعمل بنفسه وهو يحمل مصباحه، وأنّه يبذل قصارى جهده.

قالت إنّنا نحن الاثنين، هي وأنا، لا نشكّل استثناءً لقاعدة مد وجزر العصير العالمي وتأثيراته النفسيّة المصاحبة.

قالت: مرّ وحلو.

 

**

 

بعد الشرح جاء الطلاق.

سألت السيّدة دايفيز: “هل ترغبين في خوض الطلاق؟”

قالت بهدوء: “أود الاعتقاد بأنّني لا أود ذلك، رغم أنّني أعتقد أنه علينا فعل ذلك على سبيل التمتّع بالأمر. يبدو لي أن الطلاق بدون نزاع مخالف لروح الطلاق”.

قلت: “هذا صحيح، شعرت بالشعور نفسه، لكن قلّما شعرت به”.

ولد الطفل بعد الطلاق. أطلقنا عليه اسم إيه. أف. من إل. دايفيز وأرسلناه إلى ذلك الجزء من روسيا حيث يعيش النّاس حتّى المئة وعشرة أعوام. لا يزال يعيش هناك على الأرجح، ويترعرع في الحكمة والجمال. ثم تصافحنا، السيّدة دايفيز وأنا، ثم انطلقت في الرحلة الرالفيّة وانطلقت في الرحلة الموديّة بتوهّج الأمل الذي لم ينطفئ بعد، وبمواجهة الخوف من السّقوط الذي لم ينتصر بعد، والمولّدات الاحتياطيّة التي تضمن تدفّق نعم جميع مخلوقات الله في نهاية العصر الميكانيكي.

*****

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: