ذات الحذاء الأحمر
العدد 208 | 19 آذار 2017
شيماء الوطني


    يتراقصُ قلبُها طرباً، على وقعِ طَرْقاتِ كعبِ حذاءِ مُعلِمتِها وهي تجوبُ الفصل..

تنتشي كلَما تراءى لها في أحلامِ يَقَظَتِها وهاجاً، نارياً بلونِهِ الأحمر الذي ينضَحُ بالشهوةِ والأنوثة..

كان حُلمُها الغالي أن تَحصُلَ عليه..

تستمعُ إلى أحلامِ فتياتٍ يقاربْنَها في العُمر، إحداهُنّ تحلم بفارسٍ يخطفها على حصانِه الأبيض، والأخرى تحلمُ بسفرٍ طويلٍ لبلادٍ لم يُسمعْ عنها من قبل، وحين يأتي دورُها وتُفصحُ عن حُلمِها كانت الضَحِكاتُ الساخرةُ والكلماتُ المُتَهكمَة تنطلقُ من أفواهِ الفتيات…

لم تكنْ تكترثُ لضحِكاتِهن الساخرةِ من حُلمها ( الساذج ) – كما وصفتُهُ إحداهن –  

ولم تستطعْ كلماتُها المتلعثمة أن تفسرَ لهن السببَ الذي يجعلُها تتشبثُ به كحُلمٍ عزيزٍ تتمنى يوماً تحقيقَه!

وبمرورِ الوقت آثرتْ أن تحتفظَ بحُلمِها حبيساً في داخلِها كي لا تلقى منهن السخريةَ والتهكم..

حذاءٌ أحمر، بكعبٍ عالٍ هو كلُ ما تمنتهُ منذ طفولتِها!!!

وفي يوم، دخلتْ أختُها الكبرى المنزلَ تحملُ في يدِها عُلبة، وبفضولٍ طفوليٍ تبَعتْ أختَها لترى ما الذي أحضرته..

لوهلة، ظنت أن قلبَها سيتوقفُ من فيضِ سعادةٍ غامرةٍ شعرتْ بها وهي ترى أختَها تفتحُ تلك العلبة مُخرجةً حُلمَ حياتِها من بينِ تلك القراطيسِ البيضاء التي أحاطتْ به.

لم تستطع إخفاءَ لهفتِها لارتدائِه وتوسلتْ لأختِها أن تمنحَها دقائقَ معدودةً ترتديه فيها، ولكن أختها رفضت ذلك وحذرتها من مجرد التفكير في تجربته مخبرةً إياها بأنها سترتديهِ في حفلِ زواجِ صديقتِها بعد يومين، واسترسلتْ قائلة: إن على الفتياتِ الصغيراتِ أن يَكتفينَ بأحذيتِهن السوداء المنخفضةِ الكعب.

نامت تلك الليلةِ حزينةً وهي تفكرُ كيف أن حُلمَها على بعدِ خُطواتٍ قليلةٍ منها ولا تستطيعُ تحقيقَه.

في اليومِ التالي عقدتْ العزمَ على أن تحققَ حُلمَ حياتِها بعد أن رأتْ أختَها تسرعُ مغادرةً المنزل لتَلحقَ محاضرتَها المسائية، التي تأخرت عن موعدِها.

اتجهتْ إلى غرفةِ أختِها لتجدَ العُلبةَ كما تَرَكَتها بالأمس، موضوعةً أسفلَ السرير، أسرعتْ وفتحتِ العلبةَ مخرجةً الحذاء.

شعرتْ برعشةٍ خفيفةٍ تَطرُقُ قلبَها وهي تضعُ فردتي الحذاءِ في قدميها..

وبدأت تختالُ به داخلَ الغرفةِ كسندريلا..

استمدتْ من صوتِ طَرْقاتِه الشجاعةَ فخرجتْ تتبخترُ بين ممراتِ الغرف، مقررةً النزولَ إلى الطابقِ السُفلي..

وبمجردِ أن وضعتْ قدمَها على أولِ عَتَبةٍ من السُلم، تَرنَحتْ وفقدتِ السيطرةَ متدحرجةً، لتسقطَ أسفلَ السلم جامدة.. وقد تكسرَ معها حُلمُها!!!

*****

خاص بأوكسجين


كاتبة من البحرين