دغل
العدد 222 | 15 تشرين الثاني 2017
عبد النبي فرج


الشمس عمودية ويونيو يكنس البشر من الشوارع، بلد عارية من الأشجار والرجل الذي قارب على الستين وبه بعض فتوة وحياة هجم عليه ذباب ورطوبة فقام مختنقا من كمية الهواء الفاسد ينظر إلى محيط الغرفة الذي يضيق عليه وقشر الطلاء  المتآكل الذي يشكل كائنات متوحشة تجلب الفزع، عاودته الرغبة بالنوم. مسح عرقا نبت على رقبته، ناظرا إلى امرأته المريضة بجسدها الضئيل والذي يغوص في لحم المرتبة، وهب تغط في نوم عميق بلا آخر (لو يكون آخر نفس) تزحزح على مقعدته واقترب منها وعري ساقيها وصعد بيديه إلى وركها، لم يجد سوى عظام تحت يديه. كان يلبس جلبابا على اللحم بلا سروال، نفض يديه وأخذ يدعك عينيه اللتين يغطيهما حاجبان ثقيلان ورمى الطاقية على رأسه وخرج من الغرفة إلى وسط الدار حيث تنمو طيور البيت وكلب صغير يتمسح به قذفه بقدمه فأطلق الكلب صراخًا متقطعًا وسرعان ما لبد في ركن البيت، سحب عصا قصيرة ودخل الشونة وحل مقود الحمارة ورمى شوالا على ظهرها بدل البردعة وجرها إلى الخارج وأغلق الباب على وليدها الذي ينهق في سرسعات متقاطعة. الحمارة حرنت ورفعت رقبتها إلى السماء وأخذت تنهق بقوة والعصا تنزل على ظهرها في عنف فأخذت تجري حتى كاد أن يسقط من على الحمارة ولولا خفة وزنه وقدرته المحنكة على لف رجليه على بطنها مما ممكنه منها ومن حفظ توازنه، لكان يئن زاحفًا على بطنه أو مات فعلا، أخذت تسير في بطء وهو يهتز اهتزازات خفيفة ورجله تضرب في أثدائها المليئة باللبن. الرجل الذي بلا أولاد ويرعى أمه التي وصل سنها فوق التسعين وتتبول على نفسها ورائحتها العطنة تملأ الغرفة. هذا الرجل الذي أثارته امرأة جاره اللحيمة وهي تغسل الأواني على حوض الطلمبة وساقها عارية وثديها ساقط من فتحة الجلباب، فبدأ يلهث ككلب، ولما دخل الليل اقترب من زوجته ونزع عنها السروال، ورقد فوقها فأخذت تئن وتطلق مواء ذبيحة، خاف أن تموت فقام وأدار ظهره إليها وأخذ يتخيل امرأة جاره، وهو يضاجعها والسرير يهتز، دفعته زوجته: أيه فيه إيه؟ اعتدل على ظهره. أبدًا دا ضرسي بيوجعني بس.

نام مقهورا. وهو يبول في الشونة اقترب من الحمارة فأخذت تضرب برجليها في الأرض فخاف. أشجار التوت تتابع حتى وصل إلى رأس الغيط وعضوه قد انتصب وصدره ضاق ومرارة يحسها تحت لسانه. نزل من على الحمارة التي باعدت ما بين ساقيها وتدفق منها ماء أصفر قاتم. توقف. أشجار الموز متشابكة وهو يتأمل فرجها الذي بدا شرائح حمراء من القطيفة وعندما انتهت أفاق وسحبها وسط ظلال متهدلة وقاتمة… نظر حوله. لم يجد أحدا. خلع المقود وزنق الحمارة بين شجرتين وكتّفها من رجليها الخلفيتين والأماميتين والحمارة التي تعافر ويضيق عليها المقود. نظر إلى عينيها وخاف من شعاع أصفر يتدفق من عينيها ويسحب منه الحياة. الرجل رفع القميص ووضعه في فمه وبيديه فتح فرجها وأدخل عضوه وأخذ يهتز والحمارة استسلمت وأخذت تجتر وتمضغ هواء حتى لانت، نزل من على الحمارة وقد خلا وجهه من علامات الحياة تماما وتراخت أعصابه وجلس على الأرض والحمارة ينزل منها سرسوب من اللبن يغمر التراب.

*****

خاص بأوكسجين


روائي وقاص من مصر. من رواياته: "يد بيضاء مشعة""، و""ريح فبراير""، و""مزرعة الجنرالات""."