ثم فجأة
العدد 261 | 14 تشرين الثاني 2020
ماهر راعي


 

لا أرى في مناماتي إلا قصائد يشدّها الشيب من شعرها

وعلب كبريت تندلع دفعة واحدة.

أرى ثيابي تهرب عن المنشر

لتلعب مع الأولاد في الحي القديم

لكنهم يتخشبون ما إن تقترب وتصير بينهم

يصرخون: شبح.. شبح ، ثم يتركون عدّة اللعب

كرة “مخفوتة” ومقشّرة

عجلات كانت لسيارات فقيرة

وبعض الكذبات البيضاء من مثل أن لأحدهم هراً بفراء كثيف ومموج

أو أن الآخر يملك ببغاء يتقن شتائم مخجلة _

و يهربون إلى أحضان أمهاتهم

المشغولات بتقميع الخضار ..يجددن في العمل كأنهن أعضاء كل ذكور هذا الكون .

ثم تعود ثيابي باكية مخذولة

تتصرف كأي ثياب عادية على منشر عادي تتراقص مع ريح خفيفة وباردة

..لا أرى في مناماتي سوى مقامر يصفر كأنه نبي نادم وخاسر وطيب،

وأرى قوادة تضيف الملح إلى الطبخة التي على النار

ثم تغطيها وتنشغل بجرح أسفل الركبة

بينما تقشّر إحدى بناتها بقايا ندبات بين نهديها

وتجسّ ألماً قاتلاً في الحلمة اليسرى

ثم فجأة يمر صبي يُمقته أنه لا يعرف معنى كلمة ويسكي بالضبط ..

أرى طيراً أصابه الصرع

ثم فجأة يموت، ثم يعود ويطير، ثم يسقط ، ثم يطير، ثم يستند إلى الإسفلت بمنقاره.

لأستيقظ فجأة وأرى عنقي محزوزاً بلطف وأناقة ..

لا أرى في مناماتي إلا بياضاً ممتداً، بياضاً مملاً.. بياضاً مخيفاً..

لا أرى في مناماتي أي أثر لصوت أبي، أرى خرساً  وأرى عماء لا ينتهي وصمماً ..

منذ زمن لا أرى منامات يمكن حملها إلى الجدة

لتفسّرها بضحكة حلوة ثم تشير لي أن أناولها مشطها العاجي وطاسة ماء قريبة..

*****

خاص بأوكسجين


شاعر من سورية. صدر له "مرمية هكذا في الهواء"" 2014"