بورخيس والمواعين
العدد 206 | 07 شباط 2017
سانت ياجو


يبدأ في التكلم عن ذاته في الحقول

يبدو أنه تائه

ويكره شيئاً ما

لقد ضيّع الحصان

وقطع السفينة نصفين

وهو يحمل الدلافين المكورة

سقط وجهه في الرمال كمصفحة لونها رمادي

فغمزت عيناه في بركة ماء

وهو يزحف على ساقه العاجية

ونطق بعبارات في الأدب والدين

والنشاط الجنسي

ثم عبأ زجاجة صفراء –  قبل عصر النهضة –  بالبول

وعرض على سكان الكاريبي تصغيرها

لكن أسنانه الصفراء تهشمت

ضاع الضوء منه في ممر الكتب المعتم

وانقسمت حياته قسمين

واحدٌ لأمه

والثاني للخيال

وحسب درايتي بيوم بارد ظهر في مقدمة رأسه

وجدته صامتاً في الحديقة

يتأمل نفسه بعبارات تأتي وتغيب

عبّر لي عن الكتب المقدسة بإشارة مرجعية في شوارع بيونس أيرس

ثم صمت مرة أخرى، وهو يراجع مساوئ القرن الماضي

ولم أمكث معه أكثر من ساعة

وهو ينحني لتقبيل كرة كانت تتدحرج في حفرة عميقة

قال: نحن العدم

ثم طلب عقرب ساعة

لصقه على فمه

وعاد يتسلق حيطان استوطنت  مع الغزاة

سمّاهم أجداده الكبار

وحين اقترب من ذاته في الفجر

أيقظني بخبطة على فرن الغاز

وقال وهو يتأمل شيئاً داخليّاً:

وجدت عدماً آخر.

***

المطر غزير غزير

قلت لها أنا هارب بثياب السجن

سأنتظر في مقهى الجنود

وأنت ستظهرين من الشَمال

بلباس موسكوفي

سأتعمد تضييع الوقت بتأمل ذاتي بعمق

وعندما تعبرين التقاطع الثاني هاتفيني

كي أتقدم من الداخل للخارج

ضاعت اللحظة في لحظة أخرى

كنت في أثنائها أمشي في الليل

وعلى ظهري بندقية أريد أن أقتل بها شخصاً ما

وأثناء عثوري عليه، زحف من خيالي

توترت العلاقة بيني وبين نفسي في ذاك اليوم

فاضطررت إلى ابتلاع الصيف بأكمله

وظهرتُ  في زحمة الأشجار راكضاً

أبحث عن أعداء في مكان آخر

والبندقية مازالت على ظهري

يومها صوبت على شجرة الخروب متعمداً

وسمعت أسناناً تصر على كومة الحديد

لأن الطريق ضاع مني بحكم التضاريس

فاستخدمت الليل كنوع من أنواع التمويه

حتى قبض علي المجنون في المغارة

وسجنني معصوب العينين

بدأت الوحدة

وبدأ الخوف

صرت أقضم الديدان مرتين في اليوم

وأشتم الناس جميعاً لأنهم تركوني

وحين يأتي الصباح، أشاهد أسناناً مزدوجة لزوجة المجنون تعضني

ثلاث سنوات وهي تأكل لحمي

حتى أنهم وجدوا ثلاث عشرة منها في ذراعي.

*****

خاص بأوكسجين