المزهرية التي اسمها قلبي
العدد 175 | 01 تموز 2015
عبدالله ونوس


مزّمّلاً بالقناني

ليس لي غير ما أدّعيه..

ملامح وجهي التي تشبه الحقل – محترقاً –

والرمادُ كلامي..

ليسَ لي غير عمري

في الأربعين سأنتظرُ الوحي كالأنبياء

أنامُ كما خلقتني السماء

– ومزّمّلاً – بالقناني

ليس لي غير صحبي..

أملّحُ جلدي بما يتركون..

لدي مساءً من الشعر

تدلّت عناقيدهم – حصرماً – فيّ

وجيش – الدبابير – منتظراً نضجها

ليس لي غير هذا الفصام الأثير

يمسّد شعري

ويمسح وجهي

ويرتبُّ لي موعداً – طازجاً – وقريني

ليس لي أن أكون سواي

شعري على شعثٍ دائماً..

وقلبي كمطرقةٍ إذ يدقُّ

والعمرُ كان طويلاً كأفعى

تنوس عيوني في الحلم

إذ أنامُ وأنساهما غير مطبقتين

ليس لي سلةٌ من نساء

– سأكون وفيّاً لأسمي يهمسنهُ في الظلام-

ليس لي كلُّ هذي البلاد..

ضاقت على عنقي مثل إنشوطةٍ

بعد موتي

– أستميح الإله –

سأختارها جنّة من غبار.

***

 

المزهرية التي اسمها قلبي

-1-

صدري نافذةٌ بقضبان

خلفها تركتُ مزهرية قلبي

لا يرى العابرون سوى جانبها الوحشي

ولي أنا.

تركتُ الجانب الأكثرَ وحشة!

 

-2-

جسدي تابوت..

في داخلهِ

مزهريّةٌ اسمها قلبي..!

 

-3-

المزهرية التي اسمها قلبي

ذوت ورودها

ولم يبقَ فيها

سوى تلك السيقان الصاعدة والنازلة..

ترتعُ في هذا السائل الآسن

الذي اسمه دمي..

ومشدودةٌ إلى بعضها بإحكام..

بسلك!!

 

-4-

المزهرية التي اسمها قلبي..

أتألّم..

كُلّما رشحَ من زجاجها العتيق..

وشلُ الشعر!

 

-5-

ليس في مزهريتي ورود

فمنذ الأزل..

وخرافُ الأنبياء

تقضمها..!!

***

 

في حمّاي

الآن..

الآن بالضبط..

تجدني شغوفاً بردم أعضائي

هاويةً إثرَ هاوية

وقاعاً وراءَ قاع..

الآن تجدني فرحاً

باكتمال مجموعة الحثالات..

التي أفنيتُ عمري في جمعها

وسميتها – شعراً -؟!

سأقرصُ الهواء من ذراعه الأيمن 

أوقظهُ..

وآخذه معي

ثمة عوالم أكثر حلكةً هناك..

سأفرحُ بوجهي الأبيض

وبأصابعي المعبولة كأرداف الجاهليات

سأطرقُ باب قيامة الهروب

من طفلةٍ تزهر خطواتها على يبابي

وأتنفس صمتي في لثغتها اختناقاً!

وأقتربُ أكثر وأكثرَ

من بؤس مشهدي المتكرر

ليغدو جداراً لخزّان مآقي..

….. ….. …..

….. ….. …..

في حمّاي

سأحتفي بعالمي الشفوق كأعدى أعدائي

بصوتي المبحوح نشازاً طويلاً

بعلامة الضحك الفارقة

ووسائد الخمر!!

سأعلقهم كشارات القرصان..

على قميصي المنشّى الأطراف

….. ….. …..

ما أجملكِ أيتها الأرض

– عفواً –

ما أجملك أيّها القاع

بلا حليب أمهات

ما أجملكَ بلا ذكريات

وبلا أصدقاء تحزن لفقدهم

وتفرح أن أرحتهم منك.

____________________________

شاعر من سورية. والقصائد من مجموعة بعنوان “من الرواية السرية لحياتي” الصادرة عن “دار التكوين” في دمشق، ضمن سلسلة “نصوص شعرية سورية” بدعم من “مؤسسة نايانيل للثقافة”.

 

الصورة من أعمال التشكيلي الأمريكي Salamon Bradford

*****

خاص بأكسجين