الجميع داخل حقل الرؤية
العدد 191 | 21 أيار 2016
زين خزام


تريد شابة عبور شارعٍ يقع داخل حقل الرؤية لأحد قنّاصي المدينة..

على الرصيف جمعٌ من الناس يخشون العبور، يلفّهم صمتٌ مشوب بالتهامس..

يقول أحدهم “أطلق القنّاص رصاصتين حتى الآن، لكن ما من ضحايا.. يبدو أنه ليس في مزاج جيد هذا الصباح.

تنظر إلى ساعتها.. لقد تأخرتْ عن موعدها!

 تقرر العبور ومع الخطوة الأولى تشعر بانقباض ما في داخلها.

تلقي نظرة نحو المكان الرابض فيه القنّاص، تشيح ببصرها بسرعة كما لو أن عيناً ما التقت بعينها! خافت أن يطلق النار عليها في اللحظة التي تنظر فيها نحوه.. ميتة كهذه تحمل قدراً لا بأس به من الإهانة.. فهي لن ترى نظرة قاتلها بينما هو سيفعل.

تهب ريح خفيفة، تتشبث بوشاحها وتتابع السير.

“أتراني أموت اليوم؟”

“يقولون إن الناس يستطيعون استشعار قرب أجلهم! أنا في الحقيقة، لا أشعر بأي شيء غير عادي.. شريط حياتي لا يمر أمام عيني كما يحدث في الأفلام.. ولم أنشر مؤخراً على الفيس بوك جملاً مؤثرةً تدور حول الموت. من الأفضل ألا أموت اليوم تحديداً، فتكتشف أختي أنني أرتدي حذاءها الجديد في مثل هذا الجو الموحل.”

 تسمع خلفها وقع خطوات سريعة!

 “هل عليّ أن أسرع؟”

“ماذا لو استقبلتني الرصاصة في خطوتي القادمة؟”

“ربما عليّ الإبطاء! علها تكون أسرع مني فلا أدركها.. ما الفرق؟ الكل يتحرك داخل حقل الرؤية.”

يصل رجلٌ ويصير بمحاذاتها.. يهيأ إليها أن القنّاص سيطلق النار باتجاهها وسيتلقف هذا الرجل الرصاصة عوضاً عنها!

 ترعبها هذه الفكرة، تحث خطاها، تتجاوز الرجل، خطوة واحدة تفصلها عن الضفة الآمنة..

برودة تغزو جسدها..

تسمع الرجل يتمتم: “حسبي الله ونعم الوكيل”

تتذكر جملة قرأتها: الرصاصة التي ستقتلك لن تسمع صوتها.

*****

خاص بأوكسجين


كاتبة من سورية.