ابنة الأشقر
العدد 270 | 03 حزيران 2022
غسان البرهان


يا داهية الغَبَرِ

لا يُشق لك غُبَارٌ ..
يا مدينةَ العيوب
ليلُكِ، من ليل غابر
ونهارك من نهار غابر..

يا مسبحةً مُلقاةً من الأمس.

الغبار جلدُ الآخرين، وعثراتُهم، ولسانهم الذي يتملصون منه…

غبارُ طفلٍ تعثّر بطريقٍ غير معبد
والفتى الذي ترك مرماه شاغراً، لفُّوه شارة سوداء على قلوبهم، ثم عاثوا بطقس الغبار، في الساحات الترابية.
الشاب الذي امتهن حمل التراب إلى بيوت مشيدة بالبثور
والرجل الذي يكدُّ من تحطيم ذاكرة المدينة
والجرافة التي تقتلع أشجارها بأسنان صفراء.

يا مدينةَ العيوب
يا غبارَ الرحلة المتروكة.. والفشل الدراسي

غبار المهرولين إلى شاحنات الموت، بحثاً عن ذوات مفقودة، بملابس رياضية، عاد بعضهم مبتوراً، ومات آخرون قرباناً لإمام غائب.
 

يا عيوبَ غبار الخيبة
غبار عراضات العشيرة وهم يتبادلون الأهازيج ورصاص الذكورة.

 

***

الفتى المعلول برئتيه، ينزوي إلى بيته ويغمر وجهه بالكتاب كما لو أنه صدر امرأة. ويندب حظه، إنه من مدينة تفكُّ أبناءها عضواً عضواً وتنثرهم في الهواء، يستنشق كلماتها الجارحة، حلَّ فيها أو غادرها، معروف بسحنته الغبراء، بلسانه الذي يزل بالـچـا، ويصد النظرات البذيئة بساعده الذي يمسح به الدموع وحيداً.

 

***

يا داهية الغبر
يا مدينةَ العيوب
لِمَ أنكروكِ، وما عرفوا ثيابَكِ
ولم يتقبلوك حتى تخضبت سمرة فتيانك بدمائهم، على الجسر الذي يعبر ماء المدينة؟

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأشقر نسبة إلى ناصر الأشقر مؤسس مدينة الناصرية.
 چـا، لازمة يتميز بها أهل الجنوب.

* * * * *

خاص بأوكسجين

 


صحافي وكاتب من العراق.