إيروسية البراءة
العدد 275 | 28 كانون الثاني 2023
سارة مختال


 

بلوغُ سافر

 

كان الوقت نهاراً، العاشرة صباحاً تقريباً، حين انتفض جسدي ثورةً ضد البراءة، معلناً حقه في الدخول إلى عالم البالغين القبيح، فطفولتي الباهتة لم تعد تغريه. انفتح ثقب أسفل جسدي، ومنه امتد ثقب نحو روحي إلى الأبد. كان قد خرج من ذلك الثقب سائل لزج عكر، تشكّلت منه نظرتي نحو كل ما هو جديد ومفاجئ.

 كانت المرة الأولى التي أتحسس فيها فرجي، مركز أنوثتي وجرحي، أحسست بخطب ما هناك، ماذا يا تُرى؟ وهل تبكي الفروج؟ وضعت يدي هناك لأهدّئ من روعه وأمسح دموعه التي بدأت تتدفق بغزارة، لكنها كانت بلون الدم، هل هذا دم؟ ما الذي حدث لي؟ هل تتفتّق الجروح وحدها دون سبب؟! هل يتعين عليّ الآن أن أخفي هذا الجرح وأضمّده وحدي للأبد؟

هكذا مضيتُ ببلوغي كـ جرح في جسد طفولتي المسروقة.

أنا لم أبلغ قط. ثورة جسدي لم تنجح، لقد تركتْ وراءها فقط فوضى عارمة في وعي طفلة صغيرة تحمل بين فخذيها جرحها العميق؛ يفضحه نتوء ثدييها الصغيرين، وشهوة بريئة لمداعبة فرجها كانت أولى خطاياها، وعصيانها الأبدي لعفة الجسد، وتمرد أولي ضد كل سلطة غير سلطة الذات على ذاتها.

 

عادة إيروس

 

أعدتُ تسخين قهوتي للمرة العاشرة، ففي مثل هذه الأيام من الشتاء ستحتفظ القهوة بسخونتها لدقيقة فقط. تهيأت لكتابة تدوينة جديدة لمدونتي الفارغة منذ افتتاحها قبل شهرين. شعرت بتفاصيل المقالة تتلاشى من ذاكرتي، ولم يبق منها سوى عنوانها العريض عن عادة الكتابة، ورغبتي في أن أستعيد الإلهام. عشوائياً تناولت كتاباً من رف مكتبتي وكان بعنوان “الحب والموت”، عرفت حينها أن إيروس كان يحوم حولي، بلا هدف على ما يبدو، أعني سوى ذلك الشبق الذي يصيب به امرأة وحيدة تقرأ عن الحب في دفء سريرها، بلا يدين تمتدان لتعتصرا جسدها، بلا شفتين تلتهمان شفتيها في لحظة يتعانق فيها إيروس وثاناتوس، ويمتزج فيها الحب والموت في الآخر ومعه.

 على الرغم من أن ثاناتوس لم يكن حاضراً فقد استسلمت لنداء إيروس الحزين، وهل سبق لأحد الإفلات من سهامه؟  بأصابع ترتعش من شدة البرد، انزلقتْ سريعاً في لزوجة مهبل شبق، ما عاد يثنيه غياب القضيب أو لذة اهتزازات جسدين معاً، ثم بصرخات مكتومة متبوعة بلعنات موجهة لكل رجال الأرض، منحت إيروس تلك اللذة، وشكرته عليها أيضاً، وطلبت منه أن يبلغ تحياتي وصلواتي لأفروديت من أجل المزيد من الجمال والنشوة لا لجسدي فقط وإنما أيضاً لما أكتبه.

 

*****

خاص بأوكسجين


كاتبة من السعودية.