أنا خائفة
العدد 208 | 19 آذار 2017
إجلال البيل


أرتعش من الخطوة الأولى ومن الثانية والثالثة والأخيرة أيضًا، أخاف من كل الخطوات التي تقودني إلى لا شيء أخاف بشدة لتأصّل هذا الخوف فيّ، أخاف أيضًا أن أُفكِّر بالغد، هذا الغد الذي يُخيفني بشدة ليقيني ببؤسه، أخاف من الأشياء القريبة والبعيدة، التي تسير بجانبي، وتلك التي تُشير إلي، أخاف النوافذ المفتوحة والضوء الذي يفضح ظلامي وضلالي، كذلك الأبواب المواربة تلك التي تُنبِئ بتلصّص أحدهم على وجودي الفارغ.

أنا كذلك عدوة الوقت الذي يأتي، وصديقة الوقت الذي مضى، عدوة نفسي الجاهلة التي تتربع بحماقة على فكرة واحدة:

غدًا سأفعل ذلك

لكن غدًا سيمحوني وسأترك ظلي قاطع طريق لكل الذي يشبهونني..

 

أنا خائفة من الأصوات التي تبكي بداخلي، الأصوات التي توبخني، الأصوات التي تردّد كم أنتِ لئيمة ومتحاذقة، خائفة من قدميّ وهي تُسيّرني نحو حتفي، من يديّ وهي تكتب مرتعشة، من عيني وهي منقبضة ومهزوزة، خائفة مني، من الأمس الذي ترك لي قروحًا لا تبرأ، من الغدِ الذي لن يتوانى عن أن يكون كالأمس..

 

خائفة من الأشجار التي أزرعها وأتركها من دون سقاية، من الأصدقاء الذين تركتهم لحزنهم، من الأحبّاء الذين تلاحقني نظراتهم الصامتة.

 

أنا امرأة خائفة ومهزومة لا تنام كل ليلة قبل أن تتأكد من ذلك، يُخيفني الفرح اللحظي والكآبة الطويلة، تخيفني مزاجيتي السيئة التي تُشعرني بأنني سأظل وحيدة ألعن هذا الفراغ الذي يُحيط بي.

 

خائفة ولا أكتب رغم حاجتي للكتابة 

خائفة ولا أقرأ رغم جهلي الشديد

أنا حقاً خائفة من الدموع التي لا تلفظ، من القلب الذي لا ينبض، من الأحاديث التي لا تنتهي.

 

خائفة من الصباح الذي يوقظني من أحلامي، من أحلامي التي لا تنتهي، من النهاية التي ستبدأ بألم جديد.

خائفة من الضّجر والملل، من الفراغ والعمل

خائفة من أولئك الذين يقتربون بشدة، وأولئك الذين يبتعدون بشدة!

 

أخاف من الألم الذي يصيب جسدي، من جسدي الذي يظل يذكرني بي، أخاف من صورتي في المرآة، من المرآة التي تظل تذكرني بقبحي

أخاف إلتواء كاحلي وجلوسي في البيت وحيدة أُقاتل وحدتي

أخاف التقلّصات التي تُصيب بطني أثناء دورة الطمث، تلك التي تُنبئني ببقائي في الفراش أُفكِر بأخطائي الفادحة 

أخاف البثور التي تظهر فجأة وتلك التي تستمر في البقاء، أخاف الهالات السوداء والوردية التي لا تفتأ جيئة وذهابًا.

أخاف تقصف شعري، وتقشر يدي واصفرار أسناني وبروز كرشي في المقدمة.

أخاف النُحف والسمنة، الطول وقصر القامة، أخاف تلك الأشياء التي تُشعرني أن من خلالها سيتم تصنيفي، أشعر بضآلتي وأنا أسرد كل هذا، وأشعر بحقيقتي وأنا أسرد هذا أيضًا..

 

خائفة من أن أُتّهم، الشعور حيال هذا الأمر يُفزعني ويجعلني أهزّ رأسي يمينًا وشمالا بأن لا لا ، لن يحدث هذا.

 

خائفة من الأماكن المفتوحة والمغلقة

الطرقات الفارغة والمزدحمة

من الأبواب المغلقة والمفتوحة، من  صوت مزلاج الباب وهو يُفتح يُنبئ بقدوم أحدهم، أخاف الضيوف الذين يأتون من دون موعد، وأخاف من الذين يأتون وفق موعد محدد

أخاف الأقارب، الجيران، الأصدقاء

وكل من أراه بعيني المفتوحتين ومن أتخيّله بعيني المقفلتين..

 

أخاف الحب الذي يجعلني مكبّلة، من الحب الذي يجعلني محلِقة.

من الحب الذي يجعلني شقية وسعيدة

من الحب الذي يبدأ ولا ينتهي

من الحب الذي ينتهي قبل أن يبدأ، من الحب الذي يجعلني قوية وضعيفة، قاسية وطيبة.

أنا أخاف الحب حين يجعلني أذوي ولا أكاد أُرى..

 

خائفة من كل شيء

خائفة من الوجود الذي لا يحتملني ولا أحتمله..

*****

خاص بأوكسجين


كاتبة من اليمن.